وأما ما أجاب به بعضهم [1] عن الإشكال - بتبديل الفرعية من الاستلزام ، وأن الحق أن ثبوت شئ لشئ مستلزم لثبوت المثبت له ولو بنفس هذا الثبوت ، وثبوت الوجود للماهية مستلزم لثبوت الماهية بنفس هذا الثبوت - فهو تسليم للإشكال . وأسوأ حالا منه قول بعضهم [2] : ( إن القاعدة مخصصة بثبوت الوجود للماهية ) ، هذا . الفصل الخامس في الغيرية وأقسامها قد تقدم [3] أن من عوارض الكثرة الغيرية ، وتنقسم الغيرية إلى ذاتية وغير ذاتية . فالغيرية الذاتية ، هي : أن يدفع أحد شيئين الآخر بذاته ، فلا يجتمعان لذاتيهما ، كالمغايرة بين الوجود والعدم ، وتسمى ( تقابلا ) . وقد عرفوا التقابل ب ( أنه امتناع اجتماع شيئين في محل واحد من جهة واحدة في زمان واحد ) [4] ونسبة امتناع الاجتماع إلى شيئين للدلالة على كونه
[1] وهو المحقق الدواني في حاشية شرح التجريد للقوشجي ص 59 . ونقله عنه صدر المتألهين في رسالة اتصاف الماهية بالوجود ، فراجع رسائل صدر المتألهين ص 111 . [2] وهو الفخر الرازي على ما نقل عنه في تعليقات الحكيم السبزواري على الأسفار ج 1 ص 43 . وقال المصنف رحمه الله في تعليقاته على بداية الحكمة ص 103 : ( وعن الإمام الرازي أن القاعدة مخصصة بالهليلة البسيطة . وفيه : أنه تخصيص في القواعد العقلية ) . [3] في الفصل السابق . [4] هكذا عرفه صدر المتألهين في الأسفار ج 2 ص 102 ، وتبعه الحكيم السبزواري في شرح المنظومة ص 115 . والمشهور في الكتب في تعريف المتقابلين : ( أن المتقابلين هما اللذان لا يجتمعان في شئ واحد في زمان واحد من جهة واحدة ) . راجع المباحث المشرقية ج 1 ص 99 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 145 ، والمطارحات ص 313 . قال صدر المتألهين في الأسفار ج 2 ص 103 : ( وإنما عدلنا عن التعريف المشهور في الكتب لمفهوم المتقابلين إلى تعريف مفهوم التقابل لأن صيغة ( اللذان ) في قولهم : ( المتقابلان هما اللذان . . . ) يشعر بما لهما ذات ، والعدم والملكة ، والإيجاب والسلب لا ذات لهما ) . وقال القوشجي في شرحه للتجريد ص 104 - تبعا للمحقق الشريف في شرح المواقف ص 164 - : ( وأما التقييد بوحدة الزمان فمستدرك ، لأن الاجتماع لا يكون إلا في زمان واحد ) . واعترض عليه اللاهيجي في شوارق الالهام ص 192 - تبعا للمحقق الدواني في حاشية شرح القوشجي ص 104 - بأن قيد الاجتماع غير مغن عن الزمان ، لصدقه على المقارنة في الرتبة أو وصف آخر اصطلاحا . والعجب من صدر المتألهين في شرح الهداية الأثيرية ص 227 حيث قال : ( وقيد الاجتماع مغن عن ذكر ( في زمان واحد ) ، كما وقع في كلام بعضهم ) . فإن كلامه هذا ينافي كلامه في الأسفار ج 2 ص 102 - 103 ، حيث قال : ( فما قيل من أن التقييد بوحدة الزمان مستدرك لأن الاجتماع لا يكون إلا في زمان واحد ، غير صحيح ) . ويمكن أن يكون ما وقع في شرح الهداية سهوا من قلم الناسخ بحذف كلمة ( غير ) من العبارة ، والصواب هو هذه العبارة : ( وقيد الاجتماع غير مغن . . . ) .