لأنّ الله أخبر أنّ قلب العبد وسعه ، و رحمته لا تسعه ، فانّها لا يتعلَّق حكمها الَّا بالحوادث . و هذه مسألة عجيبة ان عقلت . و إذا كان الحقّ سبحانه [1] - كما ورد في الصحيح - يتحوّل في الصور ، مع أنّه تعالى [2] في نفسه لا يتغيّر من حيث هو ، فالقلوب له كأشكال الأوعية للماء : يتشكَّل [3] بشكلها مع كونه لا يتغيّر عن حقيقته . فافهم . ألا ترى أنّ الحق « كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ » ؟ كذلك القلب يتقلَّب في الخواطر . و لذلك قال سبحانه [4] ، « إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ » ، و لم يقل ، « له عقل » [5] ، لأنّ العقل يتقيّد ، بخلاف القلب . فافهم . ( 13 ) فص حكمة ملكية في كلمة لوطية قال الله تعالى : « الله الَّذِي [6] خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً » . فالضعف الأوّل بلا خلاف ضعف المزاج في العموم و الخصوص . و القوّة التي بعده قوّة المزاج . و ينضاف اليه في الخصوص قوّة الحال . و الضعف الثاني ضعف المزاج ، و ينضاف اليه في الخصوص ضعف المعرفة ، أي المعرفة با لله . تضعفه [7] حتّى تلصقه [8] بالتراب ، فلا يقدر على شيء ، فيصير في نفسه عند نفسه كالصغير عند أمّه الرضيع . و لذلك قال لوط عليه السلام [9] ، « أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ » ، يريد القبيلة و يقول رسول الله صلَّى الله عليه و سلم [10] ، « رحم [11] الله اخى [12] لوطا ، لقد كان يأوى الى ركن شديد » ، يريد صلَّى الله عليه و سلم [13] « ضعف المعرفة » . ف « الركن الشديد » هو الحقّ سبحانه [14] مدبّره و مربّيه . ( 14 ) فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية « فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ » على خلقه ، لأنّهم المعلومون ، و المعلوم يعطى العالم ما هو عليه في نفسه ، و هو العلم . و لا أثر للعلم في المعلوم ، فلا [15] حكم على المعلوم الَّا به . اعلم أنّ كلّ رسول نبىّ ، و كل نبىّ ولىّ ، فكلّ [16] رسول ولىّ .
[1] سبحانه : - [2] تعالى : - [3] يتشكل : يشكل [4] سبحانه : - [5] له عقل : عقل [6] اللَّه الذي : الذي [7] تضعفه : بضعفه [8] تلصقه : يلصقه [9] عليه السلام : - [10] صلى اللَّه عليه و سلم : - [11] رحم : لرحم [12] اخى : - [13] صلى اللَّه عليه و سلم : - [14] سبحانه : - [15] فلا : فما [16] فكل : وكل