( 1 ) فص حكمة الهية في كلمة آدمية بسم الله الرحمن الرحيم اعلم أنّ الأسماء الإلهيّة [1] الحسنى تطلب بذواتها وجود العالم . فأوجد الله العالم جسدا مسوّى و جعل روحه آدم [2] و أعنى ب « آدم » وجود العالم الإنساني . و علَّمه الأسماء كلَّها ، فانّ الروح هو مدبّر البدن بما فيه من القوى ، و كذلك الأسماء للإنسان الكامل بمنزلة القوى . و لهذا يقال في العالم ، انّه الإنسان الكبير ، و لكن بوجود الإنسان فيه . و كان الإنسان مختصرا من الحضرة الإلهيّة ، و لذلك خصّه بالصورة ، فقال ، « انّ الله خلق آدم على صورته » ، و في رواية : « على صورة الرحمن » . و جعله الله العين المقصودة من العالم ، كالنفس الناطقة من الشخص الإنساني . و لهذا يخرب [3] الدنيا بزواله ، و ينتقل [4] العمارة الى الآخرة من أجله . فهو الأوّل بالقصد و الآخر بالإيجاد و الظاهر بالصورة و الباطن بالسورة ، أي المنزلة . فهو عبد لله [5] ربّ بالنسبة الى العالم [6] . و لذلك جعله خليفة و أبناءه خلفاء . و لهذا ما ادّعى أحد من العالم الربوبيّة الَّا الإنسان لما فيه من القوّة و ما أحكم أحد من العالم مقام العبودية في نفسه [7] الَّا الإنسان . فعبد الحجارة و الجمادات ، التي هي أنزل الموجودات و أسفلها [8] . فلا أعزّ من الإنسان بربوبيّته ، و لا أذلّ منه بعبوديّته .
[1] الإلهية : - [2] روحه آدم : روحه آدم عليه السلام [3] يخرب : تخرب [4] ينتقل : تنتقل [5] للَّه : اللَّه [6] الى العالم : للعالم [7] نفسه : نفسها [8] و اسفلها : -