أيضا ألطف من البعض ، كالسماويات بالنسبة إلى غيرها . فليس بعالم عرضى ، كما زعم بعضهم - لزعمه أنّ الصور المثالية منفكَّة عن حقائقها ، كما زعم في الصور العقلية . و الحق أنّ الحقائق الجوهرية موجودة في كل من العوالم الروحانية و العقلية و الخيالية ، و لها صور بحسب عوالمها . و إذا حقّقت ، وجدت القوّة الخيالية التي للنفس الكلية المحيطة بجميع ما أحاط به غيرها من القوى الخياليات محلّ ذلك العالم و مظهره . و إنّما سمّى ب « العالم المثالي » لكونه مشتملا على صور ما في العالم الجسماني ، و لكونه أوّل مثال صورى لما في الحضرة العلمية الإلهية من صور الأعيان و الحقائق . و يسمّى أيضا ب « الخيال المنفصل » لكونه شبيها بالخيال المتّصل . فليس معنى من المعاني الممكنة و لا روح من الأرواح إلَّا له صورة مثالية مطابقة لكمالاته . و المثالات المقيّدة - التي هي الخيالات - متّصلة بهذا العالم مستنيرة منه ، كالكوى و الشبابيك التي يدخل منها الضوء في البيت . و لكل من الموجودات التي في عالم الملك مثال مقيّد ، كالخيال في العالم الإنساني ، سواء كان فلكا أو كوكبا أو عنصرا أو معدنا أو نباتا أو حيوانا . غاية ما في الباب أنّه في الجمادات غير ظاهر كظهوره في الحيوانات . قال تعالى ، « وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ » . و قد جاء في الخبر الصحيح ما يؤيّد ذلك : [ 48 ] « من مشاهدة الحيوانات أمورا لا يشاهدها من بنى آدم إلَّا أرباب الكشف أكثر من أن يحصى » . و ذلك الشهود يمكن أن يكون في عالم المثال المطلق ، و يمكن أن يكون في المثال المقيّد . و الله تعالى أعلم . وصل و عليك أن تعلم أنّ البرزخ الذي تكون الأرواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنياوية هو غير البرزخ الذي بين الأرواح المجرّدة و الأجسام ، لأنّ مراتب