نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 278
صاحبكم صلَّى الله عليه و سلم ببخيل ، فما بخل بشيء مما هو لكم ، أي بشيء يكون من جملة ما ينبغي لكم و يقتضيه استعداداتكم . و لا بظنين ، من « الظنّ » بمعنى التهمة ، كما وقع في بعض القراآت ، أي ما يتهم في أنه بخل بشيء حاصل لديه من عند الله هو لكم ، لأنّه صلَّى الله عليه و سلم بربوبيته المذكورة أعطى كل ذى حق حقّه و أفاض عليه جميع ما احتاج إليه و استحقّه . ثمّ إنّه لما كان الخوف لا يتحقّق إلَّا مع الضلال ، الذي هو الحيرة - فانّ الخوف عبارة عن انسلاخ القلب عن طمأنينة الأمن لتوقّع مكروه ممكن الحصول ، و لا شكّ أنّ توقّع المكروه من غير جزم به حيرة و تردّد - فحيث أراد الله تعالى نفى الخوف عنه صلَّى الله عليه و سلم ، حكم بنفي الضلال عنه ، كما قال سبحانه ، « ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى » . و لكن ينبغي أن تعلم أنّ للضلال ثلاث مراتب : بداية و وسط و نهاية . و الضلال المنفي عنه صلَّى الله عليه و سلم هو ما عدا المرتبة الأخيرة ، [ 226 ] فإنّ المرتبة الأخيرة هي مقامه صلَّى الله عليه و سلم الذي طلب المزيد فيه بقوله ، « ربّ زدني فيك تحيّرا » ، كما أشار إليه رضى الله عنه بقوله ، أي ما خاف في حيرته ، التي هي المرتبة الأخيرة التي يتمنّاها الكمّل و لا يتعدّونها أبد الآباد . و إنّما لم يخف صلَّى الله عليه و سلم في هذه المرتبة لأنه ، أي لأنّ الشأن أنّه صلَّى الله عليه و سلم علم أنّ الغاية القصوى في معرفة الحق هي الحيرة ، و من علم أن الغاية القصوى في معرفة الحق سبحانه هي الحيرة ، فقد اهتدى في حيرته إلى أنّها هي الغاية . و من اهتدى في حيرته إلى ذلك ، فهو صاحب هدى و بيان في اثبات الحيرة . و إنّها هي الغاية ، فكيف يخاف فيها . اعلم أنّ المرتبة الأولى من الضلال تختصّ بحيرة أهل البدايات من جمهور الناس ، و حكم الثانية يظهر في المتوسّطين من أهل الكشف و الحجاب ، و حكم الثالثة مختصّ بأكابر المحقّقين . أمّا سبب [1] الحيرة الأولى العامّة ، فهو كون الإنسان فقيرا طالبا بالذات ،