نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 255
فأدرج اسمه و صفته و فعله في وحدة ذاته بأن جمع في اسمه بين الدلالة على ذاته و بين الدلالة على صفته و فعله فاتّحد الكل بحسب الوجود اللفظي : أمّا دلالته على ذاته ، فللعلمية و أمّا على فعله ، فلأنّه صيغة فعل يدلّ على إحيائه ذكر زكريّا عليه السلام و أمّا على صفته ، فلأنّه ليس إحياؤه ذكر زكريّا إلَّا للاتّصاف بصفاته و الظهور بها . و لمّا كانت الوحدة تستلزم الأوّلية و عدم المسبوقية بالغير ، أنزله ، أي أنزل الله يحيى ، أي منزلة ، أي منزلة نفسه تعالى ، في أوّلية الأسماء فكما كان لاسمه سبحانه الأوّلية - أعنى الاسم « الله » ، حيث لم يسمّ به غيره سبحانه قبله و لا بعده - كذلك أعطاه الأوّلية في الاسم . فلم يجعل له ، أي ليحيى ، من قبل ، أي قبل تسميته ب « يحيى » ، سميا ، أي مشاركا له في هذا الاسم . و المراد بأوّلية اسم الشيء أن يكون اسميّته و علميّته أوّلا بالنسبة إلى ذلك الشيء ، لا إلى غيره . فبعد ذلك ، أي بعد أن أعطاه الأوّلية في ذلك الاسم ، وقع من غيره الاقتداء به ، أي بيحيى ، في اسمه هذا ، ليرجع اليه ، و يجعل أصلا في التسمية بهذا الاسم . فمن سمّى به إنّما سمّى به على سبيل التطفّل و التبعية . و أثرت فيه ، أي في يحيى ، همة أبيه زكريّا عليه السلام - فانّ الهمّة من الأسباب الباطنة - لما أشرب قلبه ، أي قلب أبيه زكريّا ، من حبّ مريم ، فانّ أوّل الأسباب في وجود يحيى استحسان أبيه عليهما السلام حال مريم . فتوجّه بهمّته ملتجئا إلى ربّه بدعائه . فاستجاب له ربّه و رزقه يحيى عليه السلام . فجعله الله أو أبوه حصورا لم يقرب النساء ، حصرا لنفسه ، أي منعا لها عن الشهوات ، بهذا التخيل ، أي بسبب تخيّله مريم و استحسانه أحوالها عند إرسال همّته على وجود يحيى . و في بعض النسخ : « فجعله حصورا هذا التخيّل » ، على أن يكون « هذا التخيّل » فاعلا لقوله « جعله » . و الحكماء عثرت و اطَّلعت على مثل هذا ، فإذا جامع أحد أهله ، فليخيل هو في نفسه و أهله أيضا في نفسها عند انزال الماء في رحمها أفضل الموجودات المستحضرة عنده ، فان الولد يأخذ من ذلك التخيّل بحظ وافر و نصيب كامل من الأمر المتخيّل و أحواله و أوصافه و أخلاقه ، ان لم يأخذ كله . و ذلك لأنّ الولد إنّما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين
255
نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 255