نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 247
على أيّوب بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه - و لا قاوم ، يعنى أيّوب عليه السلام ، الاقتدار الإلهي بصبره و حبسه النفس عن الشكوى إليه تعالى بل شكى إليه و ناداه ، « أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » و علم هذا الأمر ، يعنى عدم المقاومة ، منه ، أي من أيّوب ، أعطاه الله أهله بأن أحيا من مات من بنيه و بناته و رزقه مثلهم معهم من الأولاد . ذهب علماء الظاهر و أهل السلوك الذين لم يصلوا إلى مقام التحقيق بعد إلى أنّ الصبر هو حبس النفس عن الشكوى مطلقا ، زعما منهم أنّ من يكون شاكيا لا يكون راضيا بالقضاء ، سواء كانت الشكاية إلى الله أو إلى غيره . و ليس كذلك ، لأنّ القضاء حكم الله في الأشياء على حدّ علمه بها و ما يقع في الوجود المقضي به الذي تطلبه عين العبد باستعداده من الحضرة الإلهية . و لا شكّ أنّ الحكم غير المحكوم به و المحكوم عليه ، لكونه نسبة قائمة بهما . فلا يلزم من الرضا بالحكم - الذي هو من طرف الحق - الرضا بالمحكوم به و من عدم الرضا بالمحكوم به لا يلزم عدم الرضا بالحكم . و إنّما لزم الرضا بالقضاء ، لأنّ العبد لا بدّ أن يرضى به حكم سيّده و أمّا المقضي به ، فهو مقتضى عين العبد ، سواء رضى بذلك أو لم يرض . و ذهب المحقّقون من هذه الطائفة إلى أنّ الصبر هو حبس النفس عن الشكوى إلى غير الله ، لا إلى الله ، لأنّ الشكاية إلى الغير تستلزم الاعراض عن الله ، و هو مذموم . و الشكاية إلى الله تستلزم إظهار العجز و المسكنة و الافتقار إلى الله سبحانه و إظهار أنّ الحق قادر على إزالة موجبات الشكوى ، و كلها محمودة . قال رضى الله عنه في فتوحاته المكية ، « إن كان الدعاء إلى الله في رفع الضرّ و دفع البلاء يناقض الصبر المشروع المطلوب في هذا الطريق ، لم يثن الله على أيّوب بالصبر و قد أثنى عليه به . بل عندنا من سوء الأدب مع الله أن لا يسأل العبد رفع البلاء عنه ، لأنّ فيه رائحة من مقاومة القهر الإلهي بما يجده من الصبر و قوّته . قال العارف ، « إنّما جوّعنى لأبكى » . فالعارف و إن وجد القوّة الصبرية ، فليفرّ إلى موطن الضعف و العبودية و حسن الأدب ، فانّ القوّة لله جميعا . فيسأل ربّه رفع البلاء عنه أو عصمته منه إن توهّم وقوعه . و هذا لا يناقض الرضا بالقضاء ، فانّ البلاء إنّما هو عين المقضي ، لا القصاء : فيرضى بالقضاء و يسأل الله في رفع المقضي عنه فيكون راضيا صابرا . »
247
نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 247