responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي    جلد : 1  صفحه : 246


و ذووه . و كانوا يستكبرون ما يعمل و يستكثرونه . و كان الله تعالى يشكره في الملإ الأعلى و يذكره . فقال إبليس ، « مع هذه المواهب و النعماء و الآلاء التي أنعم بها الله عليه أعماله قليلة . فلو كان في حال الابتلاء و الفقر و صبر و لم يجزع ، لكان ما يأتى من الأعمال أعظم قدرا و أعلى مكانة » . فأذن له في اختباره و ابتلائه . و القصّة مشهورة في بلائه . فسلَّط الشيطان على ما تمنّى ، فغارت العيون ، و انقطعت الأنهار ، و خربت الديار ، و يبست الأشجار و الثمار ، و هلكت مواشيه ، و مات من كان من بناته و بنيه ، و هجره جلّ أهله و ذويه . كل هذا ابتلاء غيبى من غير سبب معهود و موجب مشهود في مدّة يسيرة . و بعد غيبته عن أهله و ماله مسّه الشيطان بضرّ في نفسه . فظهرت من غيوب جسمه الآلام و الأسقام ، و تولَّد الدود في جسمه و غيوب أعضائه و أجزائه . فصبر لما عرف السرّ . و لم يجزع و لم يقطع الذكر و الشكر متلقّيا بحسن الصبر هذا الأمر . و لم يشك إلى غير الله إلى انقضاء مدّة الابتلاء .
و أمّا بعد زمان الابتلاء ، فلأنّه لمّا بلغ الابتلاء غايته ، و تناهي الضرّ نهايته ، و لم ينقص من أعماله و طاعاته و أذكاره و أنواع شكره شيئا ، و لم يظهر الشكوى و الجزع ، تمّت حجّة الله على اللعين و على غيره من الشياطين .
فتجلَّى من غيبه ربّه تجلَّيا غيبيا ، فنادى ربّه ، « أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ » .
فكشف عنه ما به من ضرّ و وهب « لَه أَهْلَه وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً » [ 208 ] من عنده و خزانة غيبه . و أظهر له من غيب الأرض مغتسلا باردا و شرابا . و كل ذلك كان من قوّة إيمانه بالغيب و ثقته بما ادّخر الله له في الغيب . فكان أمره كله من الغيب .
لما لم يناقض الصبر الشكوى الى الله سبحانه - و لذلك أثنى الله

246

نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست