نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 237
و داود عليه السلام منصوص على خلافته عن الله سبحانه في الحكم على الخليقة و التصرّف فيهم ، كما قال عزّ من قائل ، « يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ » ، على صورة التفويض ، مخاطبا إيّاه ، آمرا له بالحكم ، و الامامة ، أي و كذلك هو عليه السلام منصوص على إمامته فانّ الامامة بالنسبة إلى الخلافة كالولاية بالنسبة إلى النبوّة ، فكل خليفة إمام من غير عكس . و غيره ، أي غير داود ، كآدم و الخليل عليهم السلام ، ليس كذلك - منصوصا على خلافته و إمامته معا : أمّا الخليل عليه السلام ، فلأنّه تعالى قال في حقّه ، « إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً » ، و لم يقل ، « خليفة » . و إن كنّا نعلم أنّ الامامة هاهنا خلافة ، و لكن ما هي مثلها لو ذكرها بأخصّ أسمائها ، أعنى « الخلافة » . و أمّا آدم عليه السلام ، فلأنّه و إن نصّ على خلافته ، فليس ما نصّ مثل التنصيص على خلافة داود عليه السلام فانّه تعالى قال للملائكة ، « إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً » ، و لم يقل ، « إنّى جاعل آدم خليفة » . و ما ذكر في قصّته [1] بعد ذلك لا يدلّ على أنّه عين ذلك الخليفة الذي نصّ الله عليه . و أيضا لم يصرّح سبحانه بتحكيمه في الناس . فيجوز أن يكون خلافة في الأرض أن يخلف فيها من كان قبله ، لا أنّه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم - و إن كان الأمر في نفسه كذلك - إذ ليس كلامنا إلَّا في التنصيص عليه و التصريح به . و قال بعضهم قدّست أسرارهم ، « إنّ في قوله تعالى ، « إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً » ، احتمالا في حق آدم عليه السلام من كونه أوّل الخلفاء و أباهم . و لكنّ الاحتمال متناول غيره من أولاده : و قرينة الحال تدلّ على أنّ الاحتمال في حق داود أرجح ، لأنّ آدم ما أفسد و لا سفك الدماء . و محاجّة الملائكة مع الربّ تعالى في جواب قوله ، « إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً » ، بقولهم ، « أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ » ، مرجّحة للاحتمال في حق داود ، لأنّه سفك دماء أعداء الله من الكفرة كثيرا و قتل جالوت و أفسد ملكه و جعل كما قال تعالى حكاية عن بلقيس ،