نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 224
بل هو سار في العالم كله ، [ 196 ] علوّه و سفله ، فانّ العالم بمجموعه متغيّر أبدا ، و كل متغيّر يتبدّل تعيّنه [1] مع الآنات . فيوجد في كل آن متعيّن غير المتعيّن الذي هو في الآن الآخر ، مع أنّ العين الواحدة التي يطرأ عليها هذه التغيّرات بحالها ، فالعين الواحدة هي حقيقة الحق المتعيّنة بالتعيّن الأوّل اللازم لعلمه بذاته . و هي عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور المسمّاة « عالما » ، و مجموع الصور أعراض طارية متبدّلة في كل آن . و المحجوبون لا يعرفون ذلك . فهم في لبس من هذا التجدّد الدائم في الكل . [ 197 ] و أمّا أهل الكشف ، فانّهم يرون أنّ الله تعالى يتجلَّى في كل نفس ، و لا يتكرّر التجلَّى : فانّ ما يوجب البقاء غير ما يوجب الفناء ، و في كل آن يحصل البقاء و الفناء فالتجلَّى غير مكرّر . و يرون أيضا أنّ كل تجلّ يعطى خلقا جديدا و يذهب بخلق . فذهابه هو الفناء عند التجلَّى الموجب للفناء و البقاء ، لما يعطيه التجلَّى الآخر الموجب للبقاء بالخلق الجديد . و لمّا كان هذا الخلق من جنس ما كان أوّلا ، التبس على المحجوبين ، و لم يشعروا التجدّد و ذهاب ما كان حاصلا بالفناء في الحق ، لأنّ كل تجلّ يعطى خلقا جديدا و يفنى في الوجود الحقيقي ما كان حاصلا . و يظهر هذا المعنى في النار المشتعلة من الدهن و الفتيلة : فانّه في كل آن يدخل منهما شيء في تلك النارية و يتّصف بالصفة النورية ثمّ تذهب تلك الصورة بصيرورته هواء . هكذا شأن العالم بأسره ، فإنّه يستمدّ دائما من الخزائن الإلهية ، فيفيض منها و يرجع إليها . و الله أعلم بالحقائق . اعلم أنّ إمداد الحق و تجلَّياته و اصل إلى العالم في كل نفس . و في التحقيق الأتمّ ليس إلَّا تجلّ واحد ، يظهر له بحسب القوابل و مراتبها و استعداداتها تعيّنات . فيلحقه لذلك التعدّد و النعوت المختلفة و الأسماء و