صور كلماته النفسية الرحمانية ، ومن حيث الجملة صورة حضرة علمه ومظهر لحقيقة نفسه ، عرف ان المثال الواقع في الوجود مطابق ومناسب للأصل الإلهي المذكور . فالمداد مع الدواة نظير مرتبة الامكان بما حوته من الممكنات من حيث إحاطة الحق بها وجودا وعلما ، وحقائق الممكنات كالحروف الكامنة في الدواة وفي علم المتكلم وذهنه ، كما وقع التنبيه عليه في سر اندراج الكثرة والكثير في الوحدة والواحد ، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام : كان الله ولا شئ معه ، ونحو ذلك من الإشارات الواردة على السنة الأنبياء الكمل والأولياء . والورق وما يكتب فيه ، والنفس والصوت نظائر انبساط النور الوجودي العام لنفس الرحماني المذكور الذي تعينت فيه صور المعلومات الموجودة ، أي الداخلة في الوجود ، ما لا يشم رائحة الوجود . والكتابة والقول نظير الايجاد والاظهار ، فاما بالنفس [1] الرحماني الظاهرة تعيناته - ( كن ) واما بالقلم الاعلى [2] من كون الحق تعالى كاتبا وموجدا وخالقا وبارئا ومصورا مدبرا للامر ومفصلا لايات ذاته المتعينة بحسب أسمائه وصفاته ، هذا مع ثبوت حكم طن النفس في هذا القسم أيضا ، وسريانه لحيطته بالمراتب وشمول اثره . واما القصد الإنساني فهو نظير إرادة الأولى الإلهية واستحضار ما يراد كتابته أو منطق به ، نظير التخصيص الإرادي واستجلاء ما يراد ابرازه من حضرة العلم إلى حضرة العين . وكما أن استمداد العالم الناطق أو الكاتب هنا ما يريد كتابته أو النطق به يرجع إلى أصلين : أحدهما العلم الفطري الأولى ، والثاني المستفاد من المحسوسات ، كذلك الامر هناك راجع إلى أصلين ، فنظير الأولى الفطري واصله علم الحق بذاته وعلمه كل شئ من عين علمه لذاته ، واصل العلم المستفاد من الحس ، ونظيره تعلق علمه سبحانه بالممكنات أزلا عن شهود
[1] - للكلمات القولية لقوله تعالى : انما قولنا لشئ إذا أردناه ان نقول له كن فيكون . [2] - للكلمات لفعلية الرقمية الخلقية لقوله تعالى : اكتب علمي في خلقي ، وعلم بالقلم .