قولي : ذهابه هل إلى ما صدر وتعين منه أو إلى مثله - ان صحت المثلية - ؟ إلى ما صدر وتعين منه من حيث المرتبة ، وإلى مثله من حيث المرتبة والوجود معا ، باعتبار حكم المجموع ، فان الامر دائرة والحال دوري الحكم ، ومنتهى كل دائرة - سواء فرضت معنوية أو محسوسة - إلى النقطة التي كانت منها البداية بالحركة الحبية الباعثة على الطلب - سواء تعقلت الحركة معنوية عقلية أو روحانية مجردة أو روحانية مثالية - لكن في مظهر مثالي أو صورية جامعة لخواص هذه الحركات الثلاث المذكورة من قبل وظاهرة ، فافهم ، ولكن يختلف الحال والحكم والاسم في كل وقت وبحسب كل كيفية ، ففي الأول مثلا ليس الا نقط متجاورة وفي الثاني ظهر بينها حكم الاتصال بالوجود الساري ، فسمى محيطا ودائرة ، ولزمته القسمة والجهات المفروضة فيه وغير ذلك مما لم يكن ظاهرا من قبل ، وانما ظهر ما ظهر بالجمع أو بالتركيب الذي هو صورة حكم الجمع وسريان الوجود المنبسط على حقائق الموجودات بالوجه المنبه عليه من قبل في أول الكتاب . قولي : ما الذي يراد منه مطلقا من حيث الإرادة الإلهية الأولى الأصلية وباعتبار المرتبة الانسانية ، وما المراد منه من حيث خصوصيته في كل وقت ؟ اما المراد منه مطلقا من حيث المرتبة الانسانية ، فالكمال المشار إليه في غير ما موضع من هذا الكتاب بالشروط التي يلزم الكمال والحقوق العامة والخاصة الثابتة له والواجبة عليه في كل مقام ونشأة وموطن ، وفاء واستيفاء روحا وجسما موقتا وغير موقت . واما المراد منه باطنا باعتبار حكم استعداده ، فهو ما ينتهى إليه امره بعد استقرار أهل الدارين فيهما وتلبسهما - أعني الاهلين - بالحال [1] الذي يدوم عليهم تفصيل حكمه في
[1] - الغرض من ذكر هذا القيد في قولي : بالحال الذي يدوم عليه تفصيل حكمه ، هو التنبيه على أن الأحوال لا دوام لها ، وانما الكليات تتضح أحوالا جزئية لا تحصر هي عبارة عن احكام ذلك الحال الكلى المنبه عليه ، فافهم . ( منه )