قولي : من أوجده ؟ أوجده الحق من حيث تجلى باطنه لظاهره بموجب تعينات شؤون ذاته الظاهرة بوجوده الواحد أصلا ، المتكثرة من حيث تعدد الشؤون المذكورة ، وكل ذلك بداعي المحبة الإرادية وحكم النسبة الجامعة الأصلية ، وقد سبق التنبيه على جميع ذلك . قولي : لم وجد ؟ وجد للتحقق بالكمال المتوقف على الظهور والسريان المفضى إلى انصباع كل فرد من افراد مجموع الامر كله بحكم الجميع وصورته بوساطة بعضه بعضا ، وارتباط النسب بالحكم ظاهرا أيضا على نحو ما كانت عليه باطنا ، ليحصل الكمال ويظهر بالجمع بين الغيب والشهادة حكم كل ما اشتملا عليه وصورته ، فتتم الاعتبارات العلمية وتظهر الأحوال والكيفيات الوجودية تماما وظهورا فعليا شهوديا وانفعاليا مشهديا . وهذا سر مطلق الايجاد وحكم الجمعية الكبرى التي من عرفها وعرف ما ذكرناه هنا من سرها ، عرف نسبة جمعيته من تلك الجمعية الإلهية المشار إليها ، وعرف ان الحكم والحال في نسخة وجوده ودائرة مرتبته واجزاء ما يقبل التجزئة والقسمة منه واقع على نحو ما هو الامر في مطلق الصورة الكلية الوجودية ، فالعلمية المرتبية الأولى ، والحكم كالحكم ، فافهم وانظر حظك من أصل الامر وما حصتك منه ، هل الكل أو البعض ؟ تعرف قدرك وتستشرف على غايتك وطورك ، وتعرف سر الايجاد وحكمه ومنتهاه وعلته وسببه . قولي : ما غايته في اتيانه ؟ غاية كل أحد من الوجه الكلى المرتبي والعمل المتعدى الحكم هو ما ينتهى إليه من الكمالات المتحصلة بهذه النشأة العنصرية وفيها ، واما من حيث التفصيل والعلم دون العمل المثمر بالتعدي ، فلا غاية ولا استقرار .