فصل في سر الدعاء واحكامه وأمهات لوازمه اعلم أن الانسان في كل وقت وحال يستدعى لفقره وحاجته الذاتية والصفاتية من الحق سبحانه أمرا ما لا بد عن ذلك ، ومن شأن ذلك الامر ان يكون مناسبا لتوجهه التابع لعلمه واعتقاده ومزاجه وحاله النفساني والطبيعي الجسماني ، والغالب حكمه مما تركب من ذلك وتولد عنه حال الطلب ، والغرض الأصلي - علم أو لم يعلم - هو حصول ما يحتاج إليه الطالب في وجوده وأسباب بقاء وجوده لتحصيل الكمال الذي يمكنه تحصيله كان ما كان ، وتعيين [1] الطلب الخاص بغالب حكم بعض الحقائق والاجزاء الانسانية دون سواها مما اشتملت عليه ذات الانسان ، هو حقيقة الدعاء المعين على أي وجه وبأي لسان كان ، وتعين [2] علم الحق سبحانه واثره في حق الطالب باعتبار ما منه هو الإجابة ، فما منه سبحانه متعين بحسب ما منك هذا ، وإن كان ما منك مما تقبل به منه عز وجل هو أيضا بعض صور شؤون غيب ذاته ، وقد يقال ملابس أسمائه وصفاته ، فكل ما يصدر من الحضرة ويبرز من الغيب الإلهي فإنه يتعين بحسب طلب الطالب واستدعائه واستعداده . والاستدعاء على ضروب ، وهى على قدر ما تحوى عليه ذات الطالب ونشأته من القوى والحقائق واحكام المراتب ، فان بها صح له [3] ان يكون مظهرا لتلك المراتب و مجمعا لتلك [4] القوى والصفات والحقائق حالة طلبه وجمعه ومظهريته ، فافهم . ولما كان الانسان نسخة جامعة كل أمر وصورة وجوده خزانة حاوية كل سر ودائرة محيطة من حيث المعنى والصورة والمرتبة بكل شئ ، اقتضى [5] الامر ان يكون له بحسب
[1] - مبتداء خبره قوله : هو حقيقة الدعاء ، وهو بيان ما ينشئ منه الطلب - ش [2] - مبتداء خبره قوله : هو الإجابة - ش [3] - أي للطالب - ش [4] - أي بتلك النشأة المخصوصة - ش [5] - جواب لما - ش