إسم الكتاب : مصباح الأنس بين المعقول والمشهود ( عدد الصفحات : 722)
الف حجاب من نور وظلمة ، أي من الروحانيات والجسمانيات أو من الصفات الثبوتية والسلبية كما مر ، وذلك لما مر ان كل ادراك بشرى ، ظاهري أو باطني بلازمه تقيد وتعين يناسبه ويتناهى بذلك قوة ومدة وعدة ، فنسبته إلى الحق المطلق الغير المتناهى نسبة المتناهى إلى اللا متناهي ، فأين التراب ورب الأرباب ؟ . 448 - 5 فمن أصاب في فعل أو قول كاملا كان أو غيره ، فأنت الذي وفقته وسددته ، لأنه اثر قبولك الأزلي الغير المعلل ، ومن أخطأ طرق مراضيك على مراتبها شريعة أو طريقة أو حقيقة ، فأنت الذي حرمته وطردته ، لأنه اثر ردك الأزلي الغير المعلل ، ان رغب أحد فيك وطلبك لا لمقصد معين أو فيما لديك من بعض الكمالات النسبية ، فبما ألهمت وزينت أحدهما ، وان وافقك من بعض الوجوه - إذ لا يمكن ذلك من كل الوجوه في علمك بنفسك وبالأشياء حقائقها وخواصها - فبما أوضحت له وبينت . 449 - 5 وانما قدمنا ذكر العمل على العلم اما لأنه المقصود منه وهذا بالنسبة إلى المبتدى ، أو لان العمل هو المفضى له بعد فضل الله إلى العلم الشهودي اليقيني بالنسبة إلى المنتهى . 450 - 5 والمناجاة إلى هنا حاكية لأسرار قوله تعالى : مالك يوم الدين ( 4 - الفاتحة ) لان النشآت كلها ثمرات وإذا كان الكل بك ومنك واليك . فنقول : استغاثة واستعانة واستدعاء ، سبحانك سبحانك ، تكريره تقرير لوحدته الذاتية الكمالية الاطلاقية عن كل تقيد من التنزيه والتشبيه ، ثم لوحدته الأسمائية والافعالية اللازمة كل منهما لما تقدمها ، نفر منك إليك ، إذ لا ملجأ ولا منجي منك الا إليك ، ونعوذ بك منك ، كما جاء في الحديث ، ونعول في كل حال عليك ، كما قيل : على الله في كل الأمور توكلي * * وبالخمس أصحاب الكساء توسلي 451 - 5 فان قلت : إذا كان الكل منه وإليه ، فأي فائدة في هذه الاستعاذة والاستدعاء ؟ 452 - 5 قلت : لأنهما أيضا منه ، فلعلهما سببان مفضيان إلى حصول المطلوب في علم الله تعالى وقدره ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله : اعملوا فكل ميسر لما خلق له