لأزلية بغير الحق ، إذ لا غير ثمة ، بل قبل ثمة من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة ، فان الرحمة والاحسان خير ، وقد قال عليه وآله السلام : الخير كله بيديك والشر ليس إليك . 442 - 5 فان قلت : أ ليس قوله : والشر ليس إليك منافيا لقوله : ورد من رد لا لعلة ؟ 443 - 5 قلت : نعم قد لان الرد والشر لعدم قابلية وذلك أزلي لا يعلل ، وعدم القابلية ليس بعلة لوجهين : انه عدم وانه من جانب القابل ، فعجزت عن نشر برك وفضلك اللا متناهي ، وعاينت قصورها عن القيام بحق حمدك وشكرك . اما لامتناع استيفاء المتناهى حق اللا متناهي ، فان القوى الظاهرة والباطنة متناهي ، واما لامتناع استيفاء الحادث حق الفضل القديم ، واما لامتناع ادراك كنه الفضل ، فضلا عن استيفاء حقه . 444 - 5 والمناجاة إلى هنا تحكى اسرار الرحمانية والرحيمية من حيث خصوص العموم في الأول وعموم الخصوص في الثاني . 445 - 5 فان قلت : لا يستوفى ذلك بقولنا : الحمد لله حق حمده وحمدا لا منتهى له دون علمه وحمدا يليق بجلال وجهه وكمال ذاته ، وكما اثنى على نفسه وغير ذلك مما ورد من أمثالها ؟ 446 - 5 قلنا : هذا الاجمال دليل العجز عن الاستيفاء ، لا عين الاستيفاء ، لذلك قلنا : فكمال افصاحها عن واجب ثنائك بهذه العبارات اعجام وستر واخفاء ، وتمام اعرابها ، أي بيانها - من اعرب الرجل عن حجته - عن كنه سرك كقوله صلى الله عليه وآله : أنت كما أثنيت على نفسك ، ابهام ومنتهى علمها بك هو منتهى علم الكمل وهو الحيرة الكبرى المذكورة فيما سلف في كل مشهد ومقام ، أي في كل ما تعلق به الشهود بالوجود . 447 - 5 إذ الحيرة الكبرى متحققة في ايجاد كل موجود كما مر ، وذلك الاعجام والابهام والحيرة الكبرى لاستيلاء العجز والنقص الامكاني عليها لامكانها و حدوثها وقصورها بسببهما عن نحو الوجوب والإحاطة ودوام الإحاطة ونحوها مما مر . وضعف قوتي ابصارها وبصائرها ، أي ادراكاتها الظاهرة والباطنة عن خرق حجاب العزة الاطلاقية وحجاب الصون الذي بين يديها أي بين يدي تلك العزة أو بين يدي الحقائق وهى كما مر من سبعين