ويعثر على وجوه استثباته كالأحوال بحد يجعل الغائب كالحاضر والحاضر كالغائب ، كما مر في مرتبة كأنك تراه ، وينتهى إلى وجوه الاستغراق فيه كالولايات وما بعدها ، وفيه رفع الحجاب . 156 - 5 والذي يفهم هيهنا من كلام الشيخ قدس سره دائرتان : دائرة السلوك والهداية ودائرة الكمال والولاية ، ولكل منهما أول وأوسط وآخر ، فمراتب السلوك مشهورة ، ولكون المقصود هنا ذكر مراتب الكمال لم يصر مراتب السلوك مذكورة ، فآخر مقامات السلوك متصل بأول مقام الكمال ، المقصود هنا ايضاح احكامه وآياته وأربابه ، وكان مقامات السلوك تنتهى عند الشيخ قدس سره إلى أول مراتب الاحسان لما ذكر في الفكوك : ان مرتبة فبي يسمع وبي يبصر أوسط مراتب الاحسان وفي التفسير أول مراتب الولاية ، وذكر هنا انه أول درجات الكمال وهو قرب النوافل وأوسط درجاته مقام ان الله قال على لسان عبده - سمع الله لمن حمده ، وهو قرب الفرائض . 157 - 5 وآخر درجاته الممكن الذكر بالتنبيه ، إذ ما بعده من المراتب الأكملية لا نهاية له - لعدم نهاية المعلومات والمقدورات - هي مرتبة التمحض والتشكيك . فالتمحض هو الخروج عن حكم التعينات واصباع احكام الامكان ، ولسانه : ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم ( 10 - الفتح ) ومثله : وهذه يد الله وهذه يد عثمان ، والتشكيك والتردد بين الطرفين بسر الاعتدال الوسطى الجمعي بين المقامين والقربين ، ولسانه - أي لسان التشكيك بين طرفي الحقية والخلقية وهو لسان الجمع المقدس عن الميل عن الوسط المقتضى غلبة احكام كلا الطرفين قوله تعالى - : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ( 17 - الأنفال ) 158 - 5 ثم نقول : العارف ان كمل دائرة التمامية من حصة الكمال الإنساني بسر : اعطى كل شئ خلقه ( 50 - طه ) وذلك بان يعم حكم شهوده جميع المقامات والأطوار التي مر عليها في الرتبة الامرية والحال الحجابي وسرى حكم شهوده في جميع المراتب