احكامها والنشآت الحاصلة فيها ، والمرتبطة نفسه ببدنه ارتباطا ينصرف بسببه عن الوصول إلى الكمال الذي يستعد له الانسان من حيث هو انسان ، ولم يحصل له بوهب أو كسب فيما أمكن التكسب فيه ، بقى في أسفل سافلين ويكون سيره فيما قدر له المرور عليه من المواطن والعوالم والصفات بحسب ما أودع الله في تلك الأشياء من الخواص وبحسب خواص نشأته ، وهو في كل ذلك لا يعلم فيما ذا ينقلب ولا ما يؤل إليه امره ، ويكون كماله المختص به في هذا الموطن الدنياوي ما انتهى إليه في اخر نفسه . 154 - 5 فامر الموجود دائرة وسيره دوري ، فان تم له السلوك ينشئ بسيره دورة الهية أخرى مبدئها من حين رؤيته الأشياء بالله ومعرفته بالوجود الواحد الحق بعد الشهود ، وهذا أول درجات الولاية وأول مقام المعرفة الثانية بتقابل النسختين : أي نسخة الإلهية والكونية ، فان الثانية صورة الأولى ، وكل من الثانية اثر لكل من النسب الأسمائية للذات الأحدية الجامعة ، أو المراد ما سيجئ من تقابل نسختي العالم والانسان ، فان كلا منهما صورة الحقيقة الأحدية الجامعة ، وان اختلفتا تفصيلا وجمعا بين الاجمال والتفصيل . 155 - 5 ثم نقول في تقسيم الطبقات الكلية لأصحاب السلوك : انهم على طبقات ومراتب منحصرة على ما ذكر في دائرة السلوك والغاية ودائرة الوصول والهداية ودائرة الكمال والولاية ، ولكل منها أول وسط وآخر ، فمراتب السلوك يشتمل على الوظائف الاسلامية ومراتب الوصول على الوظائف الايمانية ومراتب الكمال على الوظائف الاحسانية ، وكل من الأنواع الثلاثة يشتمل على ثلاث درجات : اشتمال الاسلام على البدء من وجوه الفرار عن الشواغل البدنية ، والعثور على وجه التوجه إلى المطلوب كالأبواب ، والانتهاء إلى وجوه التمكن في ذلك كالمعاملات ، واشتمال الايمان على البدء من وجوه اعراض الروح عن الشواغل النفسانية كالأخلاق ، والعثور على وجوه التوجه إلى السر كالأصول ، والانتهاء إلى وجوه الحضور معه كالأودية ، فمنه من يبتدئ مراتب الاحسان والولاية والكمال ، وهى وجوه أحدية التوجه وسلب ثبوت الغير ، كما في مرتبة فبي يسمع وبي يبصر ،