60 - 5 ثم قال قدس سره : وسر ذلك ان الانسان برزخ بين الحضرة الإلهية والكونية ونسخة جامعة لهما ، ولما اشتملتا عليه فليس شئ من الأشياء الا وهو مرسم في مرتبته التي هي عبارة عن جمعيته ، والمتعين بما اشتملت عليه نسخة وجوده في كل وقت وحال ونشأة و موطن انما هو ما يستدعيه حكم المناسبة التي بينه وبنى هذه الأشياء ، كما هو سنة الحق من حيث تعلقه بالعالم وتعلق العالم به ، فما لم يتخلص الانسان من رتبة قيود الاحكام الكونية يكون ادراكه مقيدا بحسب الصفة الجزئية الحاكمة عليه فلا يدرك الا ما يقابلها ، وإذا تحرر من احكام القيود والمجاذبات الانحرافية الاطرافية الجزئية وانتهى إلى هذا المقام الجمعي الوسطى الذي هو نقطة المسامتة الكلية ومركز الدائرة الكبرى الجامعة لمراتب الاعتدالات كلها : المعنوية والروحانية والمثالية والحسية ، قام للحضرتين في مقام محاذاته المعنوية البرزخية فواجههما بذاته ، كحال النقطة مع كل جزء من اجزاء المحيط ، وقابل كل حقيقة من الحقائق الإلهية والكونية بما فيه منها ، من كونه نسخة من جملتها ، فأدرك فرد من افراد نسخة وجوده ما يقابلها من الحقائق في الحضرتين ، فحصل له العلم بحقائق الأشياء وأصولها ومباديها ، لأدركه لها في مقام تجريدها ، ثم يدركها من حيث جملتها وجمعيتها بجملته وجمعيته ، فلم يختلف عليه أمر ولم ينتقض عليه حال ولا حكم ، ولولا القيود الآتي ذكرها لاستمر حكم هذا الشهود ، ولكن الجمعية الكمالية تمنع من ذلك ، لأنها تقتضى الاستيعاب المستلزم للظهور بكل وصف والتلبس بكل حال وحكم .