1124 - 4 ثم نقول في مقصود المخاطبات الربانية والانسانية والفرق بين مقصوديهما : ان جميع المخاطبات الربانية والكتب الإلهية السنة وعبارات تخبر عن أمرين : أحدهما أحوال العباد المخاطبين . الثانية عند الحق من حيث كينونتهم معه كما قال تعالى : وهو معكم أينما كنتم ( 4 - الحديد ) و : نحن أقرب إليكم إليه من حبل الوريد ( 16 - ق ) و : ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ( 7 - المجادلة ) ومن حيث تعينهم لديه بصور يقتضيها استعداداتهم الأزلية الغير المجعولة التي بها أخذوا الوجود من الحق سبحانه ومن حيث لوازم تلك الاستعدادات التابعة لها ، وهى أحوالهم الثابتة في علم الحق الذاتي الأزلي ، وكليات تلك الأحوال الأمور الأربعة المذكورة في الحديث الناطق بأنه يجمع خلق أحدكم في بطن امه . . . الحديث ، وهى العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاوة . 1125 - 4 وإلى هذا ينظر من كتاب الله آيات التقدير والإثابة والعقاب ومجملها قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( 7 و 8 - الزلزال ) ومجمعها من المدارات الخمسة الدينية ، غير الاعتقادات ، أعني الحكمة العملية المنقسمة إلى العبادات والمعاملات والمزاجر ويذكر في أبواب الفقه وإلى الآداب المذكورة في علم الأخلاق ، وذلك لأن مرتبة العيدانية مقتضاها حسن حال العبد وملائمتها بالطاعة الذاتية التي كمالها محو الذات ، والصفاتية التي كمالها محو الصفات ، والافعالية التكليفية التي كمالها التسليم والرضاء ، وقبح حاله وعدم ملائمتها بالمعصية والمخالفة ، إذ المخالفة اثر البعد والمباينة ، كما أن الموافقة اثر القرب والمناسبة الداعية إلى عدالة الاستقامة الأحدية التي هي رأس كل كمال ، فمبنى هذه الأحوال سر المجازاة الأولى الكبرى بين الحق والماهيات القابلة التي هي شؤونه بأخذ التعين واعطاء الوجود الإضافي ، لان تكليف العباد مبنى عليها . 1126 - 4 وبيانها ما ذكر الشيخ قدس سره في تفسير إياك نعبد : [1] من أن كل أمر يظهر في مراتب التفصيل لا بد ان يكون ظاهرا بين أصلين في إحدى حضرات النكاحات الخمس ،
[1] - كذا في جميع النسخ والظاهر في تفسير مالك يوم الدين . ص : 362