حيث إن ذلك المنتهى هو المطلوب بذلك الشئ وفي الوصول إليه كماله ، سواء كان مطلوبا له لذاته وعلى التعيين أو مطلوبا لأمر آخر يكون الأول مطلوبا بتبعيته ، لكونه آلة أو شرطا أو سببا للثاني ، ويسمى عند أهل النظر العلم المطلوب لذاته نظريا والعلم المطلوب لغيره آليا وعمليا ، وان اطلق العملي أيضا على ما مطلوبه المباشرة بعد العلم والنظري على ما مطلوبه الاعتقاد فحسب كما سيجئ . 1082 - 4 ثم الغايات اعلام الكمالات ، فكل غاية أية على كمال يختص بها ويدل عليها ، لان الكمال عبارة عما ينبغي ويكون حصوله أولي من لا حصوله ، فلو لا تصور ذلك في الغايات ما كانت مطلوبة ، لكن يكون ذلك بالنسبة إلى مرتبة خاصة ينسب إليها بداية هذه غايتها ، والا كل غاية بداية لغاية أخرى وليست مطلوبة بالنسبة إلى تلك الأخرى - لامتناع طلب الحاصل - فإنما يتعين ذلك بالنسبة والغرض وغاية للمراتب واحكامها النسبية التقديرية . 1083 - 4 إذا تقررت هذه فنقول : للعلوم غايات منها ما غايته العمل ومنها ما غايته الاعتقاد فحسب بمتعلقه واحكامه ، لكن لسريان اثره يستلزم عملا ، فانضياف العمل إلى مثله من باب شمول الحكم والاستلزام ، لا ان للعمل موجبا اخر غيره ، ومثل هذا يكون حكم أكملية ذاتية لا كمالية غائية مطلوبة ، والفرق بينهما كما مر مرارا ان مقتضى الذات وان توقف على شرط أو شروط يكون من باب الأكملية فوق الكمال ، وجميع الخيرات بالنسبة إلى الحق كذلك ، اما بالنسبة إلى الخلق ، فما كان موقوفا على التوجه الطلبي مقصودا بذلك التوجه ، فغاية وغرض يفيد الاستكمال بذلك ، فمن هذه القاعدة التحقيقية يعرف المذهب الحق ان أفعال الله تعالى بالنسبة إليه سبحانه ليست معللة بالاغراض ، بل جميع ما صورته الأغراض المقصودة أو المفهوم من ظاهر الكتاب أو الحديث حكم ومصالح مترتبة ولازمة للكمالات الأسمائية التي قد مر انها أيضا ذاتية من وجه ، فافهم .