أصفاها ومقدمها نهر الماء الغير الاسن ، وتمثل العلم المختص بالفطرة والملة التي هي أصل الغذائية الروحانية باللبن بدليل قوله صلى الله عليه وآله : أصبت الفطرة ، وبحديث رؤيا النبي صلى الله عليه وآله قدحا من اللبن وتأويله بالعلم . واما إرادة الماء فميله إلى أن يصير جزء كل شئ حي بالفعل ويمد بتلك الجزئية حياته ، كما قال تعالى : وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ( 30 - الأنبياء ) 828 - 4 ثم الهواء أكثر ميلا من الماء وامدادا للحيوة من النار ، لكونه انسب للحرارة اللطيفية الغريزية ، حتى لو انقطع الهواء النفسي أدنى ساعة افضى إلى هلاك الحيوان - بخلاف الماء والنار - . 829 - 4 ثم الأرض لا شك في قهرها بثقلها ويبوستها الذي هو دليل قدرتها ، ولا ريب في أن تعيين المحسوس للعلوم الاحساسية بها . 830 - 4 ثم نقول : الشمس مظهر الألوهية ، لأنها ممدة بالاسم المحيى كما مر لمظاهر سائر الأسماء التي هي الكواكب في أنوارها وأوضاعها كما سيجئ ولجميع الموجودات الحسية كامداد الألوهية لأسمائها ورقائقها . والقمر له اعتباران : اعتبار صورته الحقيقية الكدرة المظلمة في ذاته واعتبار استنارته بنور الشمس ، فبالاعتبار الأول هو مظهر حقيقة العالم من حيث امكانه المقتضى لظلمة عدميته في ذاته وقابليته للوجود ، وبالاعتبار الثاني مظهر نفس العالم من حيث ظهوره بالوجود الفائض من الله تعالى ، فالقمر جعله الله آية على حال الوجود من جهة انه اشتمل على هذين السرين : أحدهما انه في ذاته ومن حيث هو هو غنى عن النور - لكنه قابل - وثانيهما انه من حيث تقابله بالشمس يستنير بحكمها ، فهو نظير الوجود في غناه من حيث هو هو وعروضه لأعيان الممكنات بحكم الألوهة . 831 - 4 ويمكن ان يقال : المراد ان النور المستفاد من الشمس للقمر كالوجود من حيث غناه عن القمر من حيث هو هو وعروضه له من حيث المقابلة والمسامتة بينهما بحكم الامداد الأسمائي والتنوير الاحيائي . ولما نبهنا عليه من أن الحق سبحانه جعل القمر آية على