371 - 4 اما أصل الحقيقة الروحانية فمن باطن التعين الأول وهو المتعين به في الحقيقة الاطلاقية ، فلذا غلب على الروح نسبته الأحدية والنزاهة وغيرهما ، واصل الحقيقة الجسمية من حقيقة الحقائق الامكانية المظهرية ، ولذا غلب عليه التركيب والظلمة ، والقلبية الكمالية لها الجمع بينهما ، وهما إصبعا الرحمن ، لان المراد بالإصبع النعمة ، فهما نعمتا التجلي المتعين من حضرة الجلال والقهر بظلمة الحجاب الجسمانية ، والمتعين من حضرة الجمال واللطف المختص بروحانية الانسان ، والتجلي الجامع بينهما عرشه ، أحدية الجمع القلبي الذي وسعه حين لم يسعه الأجسام منفردة ولا الروحانيات منفردة . 372 - 4 والتجلي من حيث تعينه بالقلب يسمى سرا إلهيا وخفيا مستجنا في مظهرية الانسان الكامل - وإليه يشير الحديث - فقد عرف حقيقة الروح والنفس والقلب والسر ومبادئ تعيناتها والفرق بين تجلياتها . 373 - 4 وقيل : الروح أعم من الكل ، لأنه نور من الحق ينفر ظلمة عدم الكون وهو نور التجلي الفائض مطلقا ، المتعين في القابل ، وينقسم إلى الروح المهيم والعقل والنفس والجسم . لان تجلى النفس الرحماني مطلقا اما ان يغلب على عين القابل فيستهلكه فيهيم في جلال جماله وهو المهيم ، واما ان لم يستهلكه ، فاما ان يغلب حكم المحل القابل على التجلي ، فان غلب حكم وحدته على كثرته لكمال مناسبة القابل ، فهو العقل - كالقلم الاعلى - وان غلب حكم الكثرة ، فتعين النور فيه مفصلا ، فان غلب حكم أصل نوريته على ظلمة عدميته الامكانية فهو النفس ، وإن كان بالعكس فهو الجسم ، واما ان لم يغلب حكم أحدهما على الاخر فهو القلب ، فان تمكن حكم برزخيته من كل وجه فهو القلب الكامل وتجليه هو السر والخفى المستجن . هذا كلامه . 374 - 4 فيؤل الفروق المذكورة في العالم الكبير أيضا ، لان تعين الأرواح الجزئية من الأرواح الكلية والنفوس من النفوس والأجسام من الأجسام والقلب من حضرة الجمع ، لذا اختص بالانسان المخلوق على الصورة الإلهية ، وصار الانسان بذلك روح العالم وقلبه وسره .