207 - 4 وثانيتهما عبادة صفاتية تختص بكل ما يظهر عن ذات العابد من حيث حكم صفاته أو خواصه أو لوازمه من حال أو زمان معين ذي بداية أو نهاية ، ويختص بهذه العبادة عبودية [1] الأسباب الكونية المؤثرة في الانسان ، إذا القهر استعباد ، لأنك عبد ما انفعلت له ، لهذا قال صلى الله عليه وآله : تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم . . . الحديث [2] . 208 - 4 فكل عبد في كل ما يفعله مقهور عابد بالعبادتين في الجملة ، والفرق بين العبادتين من وجوه : 209 - 4 منها : ان لا تكليف في العبادة الذاتية وليست من نتائج الامر ، انما متعلقه الصفاتية رأفة من الله واحتياطا من ميله بجاذب إحدى صفاته من الاعتدال الموقوف عليه الاستكمال ، إذ القلوب وإن كان مفطورة على معرفته والعبادة له واللجاء إليه ، فان الشواغل والغفلات التي هي من خواص هذه النشأة تشغله عن ذكر ما يجب استحضاره ، فاحتاج إلى التذكير ، لا جرم امره بها وإليه الإشارة بقوله عليه وآله السلام : كل مولود يولد على الفطرة . . . الحديث . 210 - 4 ومنها : ان العبادة الذاتية في مقابلة رحمة الامتنان ، لأنها مطلقة مثلها لا ايجاب فيها ، والعبادة الصفاتية في مقابلة رحمة الوجوب التي فيها رائحة التكليف ، فالرحمة الذاتية الامتنانية هي المطلقة التي وسعت كل شئ ، ومن حيثها وصف الحق نفسه بالمحبة وشدة الشوق إلى لقاء من أحبه ، وبهذه الرحمة كل عطاء يقع لا عن سؤال أو حاجة ولا لسابقة حق أو استحقاق ، ومن اثاره درجات قوم في الجنة بالسر المسمى عناية ، لا بعمل عملوه ولا بخير قدموه ، ذلك في الكتاب والسنة . 211 - 4 واما الرحمة الصفاتية فهي الفائضة عن الذاتية بالقيود التي من جملتها الكتابة المشار إليها بقوله تعالى : كتب ربكم على نفسه الرحمة ( 54 - الانعام ) فهي مقيدة بشروط من
[1] - الإضافة إلى المفعول - ش [2] - إلى هنا تم كلامه قدس سره . وفي نهج الفصاحة : لعن عبد الدينار . . . الحديث . العسوس : الرجل القليل الخير .