45 - 2 الأول : ان الاحكام النظرية تابعة للمدارك [1] ، وهى لتوجهات المدركين ، وهى للمقاصد ، وهى للعقائد والعوائد ، وهى للتجليات الأسمائية المتعينة حسب استعدادات القوابل ، فان التجليات في ينبوع الوحدة وحدانية النعت هيولانية الوصف ، لا تعدد لها ومن ذاتها ، بل تختلف باختلاف القوابل في قابليتها بحكم مراتبها ومواطنها وأوقاتها وأحوالها وأمزجتها وصفاتها وبحسب احكام أحوال وسائط وجودها ، مثاله : تعدد ابصار الواحد المتعلق بعشر مبصرات مثلا ، يختلف حسب اختلافها - قربا وبعدا لطافة وكثافة وتلونا وشفيفا - فثبت ان الاحكام النظرية تابعة لاستعداد الناظر وتختلف باختلافه ، لا لما عليه نفس الامر لتطابقه . ومنه يعلم أيضا سبب اختلاف أهل النظر . 46 - 2 الثاني : اختلاف الآراء المتناقضة مع عدم قدرة أحدها على ابطال دليل الاخر ، دليل ان لا تعويل على نظره أيضا ، مع أن أحدها باطل قطعا ، فحصل الاحتمال في كل دليل . 47 - 2 الثالث : الناظر كثيرا ما يعول على نظره برهة مديدة ثم يطلع هو أو من بعده على خلله فيرجع ، فهذا الاحتمال يتحقق في كل نظر كان سبب التعويل أو سبب الرجوع [2] ، فلا اتكال على شئ منها . 48 - 2 الرابع : ان كل ذي رأى نظري انما نظر فيه بقوته الفكرية الجزئية ، وسنقرر ان الشئ لا يدرك الا ما يناسبه ، فلا يدرك فكره الا جزئيا مثله ، والحقائق في الحضرة العلمية كليات فلا يدركها الفكر نحو تعينها فيها . 49 - 2 الخامس : انا نرى من يعتقد شيئا ولا يمكنه ان يقيم عليه برهانا ثم لا يرعوى عنه ، ولو فرضنا تشكيك مشككين فيه بحيث لا يقدر على دفعه ، فحاله كحال أهل الأذواق
[1] - قوله : تابعة للمدارك : أي تختلف بحسب تفاوت المدارك . وقوله : وهى لتوجهات المدركين : أي تابعة لها ، أي تختلف بحسب اختلافها وهكذا البواقي . تدبر ( ش ) [2] - قوله : سبب التعويل أو سبب الرجوع : الضمير المستتر في كان يرجع إلى النظر وسبب التعويل بالنصب خبر كان ، ويحتمل على بعد ان يكون لفظ كان تامة بمعنى تحقق ووجد صفة لنظر ، أي هذا الاحتمال متحقق في كل نظر تحقق . وقوله : سبب التعويل - بالجر - بدل لكل نظر ( ش )