إسم الكتاب : مصباح الأنس بين المعقول والمشهود ( عدد الصفحات : 722)
أكثر من العقلية والوهمية ، وإن كانت ما شمت رائحة الوجود متناهية وانه مصدر كل شئ ، فيقتضى كل شئ اما لذاته أو بشرط أو بشروط كما مر ، فيكون كل شئ لازمه أو لازم لازمه وهلم جرا ، فالصانع الذي لا يشغله شأن عن شأن والعليم اللطيف الخبير الذي لا يفوته لغناه الذاتي كمال ، لا بد ان يعلم ذاته ولازم ذاته ولازم لازمه جمعا وفرادى ، اجمالا وتفصيلا إلى ما لا يتناهى . 543 - 3 وأيضا يعلم كل شئ على ما هو عليه وهو معنى تبعية علمه للمعلوم - لا وقوعه بعده - مثلا ما عينه الحق سبحانه تعيينا جزئيا عند شرط أو سبب ، أو علم تعيين مرتبته الكلية عند شرط - كالتغذي باللحم بشرط طبخة - أو عند سبب - كطبخ اللحم بمجاورة النار - فإنه يعلم بشرطه وسببه ولازمه ، إن كان علم الحق سبحانه بتلك المرتبة الكلية أو تعينية ذلك الترتيب الجزئي قد سبق بذلك الوجه والا - أي فإن لم يعينه معلقا بشرط أو سبب - فيعلمه بنفسه سبحانه كيف شاء . 544 - 3 وحاصله : ان العلم الإلهي الأزلي يتبع المعلوم المعين حسبما يقتضيه حقيقته واستعدادها وشروط استعدادها ومرتبته واحكامها ، سواء كان غير موقوف على سبب اخر أو شرط أو موقوفا على واحدا وأكثر كما مر . ثم يتبع الإرادة الذاتية الإلهية العلم ويتعلق به حسبما تعلق العلم ، ثم القدرة يظهر عما عينته الإرادة ثم يتعين الكلام المؤثر في ايجاده بينهما بمقارعتهما ، وهذا ما يقول العلماء : ان التقدير الأزلي يتعلق بمجموع النظام الواقع من الأسباب والمسببات ، فلا وجه لاعتراض الجاهلين بان الامر الفلاني ان قدر وقوعه يقع ، فلا حاجة إلى مباشرة أسبابه ، كالدعوات والأعمال الصالحة في الأخروية والأسباب العادية من المعالجات وغيرها في الدنيوية ، والا فلا ينفع السعي في السبب . 545 - 3 وعلى هذا الأصل نبه النبي صلى الله عليه وآله حين سئل بعد تمهيد قاعدة التقدير بقولهم : ففيم العمل ؟ بان قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أي اعملوا ، فربما كان حصول الثواب مقدرا بتقدير سببه العادي الذي هو عملكم .