قال الله تعالى : لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ( 6 - التحريم ) كذلك ويترقى منه إلى أن الحق تعالى مطلع على كل كلي وجزئي من اسرار المخلوقات ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات بالطريق الأولى ، لان المخلوق مع أنه ملازم العجز والفقر إذا كان مطلعا على جميع ما في مملكته ، فالخالق أولي بان لا يفوته علم شئ ، كما قال تعالى : الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ( 14 - الملك ) ويكون الكل في عبادته وطاعته وتحت امره ونهيه ، كما قال تعالى : كل له قانتون ( 116 - البقرة ) وان من شئ الا يسبح بحمده ( 44 - الاسراء ) وإلى هذا التنبيه أشار قوله صلى الله عليه وآله : من عرف نفسه فقد عرف ربه . 201 - 3 ثم نقول : وانما أضفنا ذكر مراتب التصورات إلى مراتب التأثر لتساوى مراتبهما في العدد ولسر أخرى خفى هو أقوى جامع بينهما . 202 - 3 فيمكن ان يقال هو ان كل تصور تأثر بالتعلق المخصوص والتقييد المعقول أو المحسوس ، وان يقال : التصور إن كان فعليا يستتبع التأثير ، وإن كان انفعاليا يستتبعه التأثر ، فبينهما علاقة وشيجة [1] ، وان يقال : لا تأثير ولا تأثر الا بالجمعية ، فالتأثير من حيث الجمعية الأسمائية والتأثر من جهة جمعية الحقائق الكونية ، ومعدن الجمعيتين الحضرة العلمية ، فمنها التركيب وإليها التحليل كما مر ، ولا يعنى بمراتب التأثير الا مراتب التركيب والتحليل ، وان يقال : سيجئ ان كل علم يستلزم العمل وذلك تأثير وتأثر فيكون مراتبه كمراتبها . والله أعلم بما هو مراد الكمل . 203 - 3 تأنيسه : قولهم : ان الغاية علة فاعلية الفاعل وان كل عمل مسبوق بالخطور ثم الميل ثم العزم ثم الجزم ثم الاقدام . 204 - 3 والأولان ضروريان فلا يترتب عليهما الجزاء ، كما قال صلى الله عليه وآله : اللهم هذا قسمتي بما أملك ، فلا تؤاخذني بما لا أملك .