فيقول الحق تعالى : قابلوه بالامام المبين الذي كتبته قبل ان اخلقه ، فلا يغادر حرفا واحدا ، فيقول : ارفعوا زمامه في عليين ، فيرفع ، وهذا في سدرة المنتهى ، واما إن كان في تلك الأعمال مظالم وما لا يليق به فلا يفتح له أبواب السماء - ومحل وصولها الفلك الأثير - ثم يؤمر بها فتودع بها في سجين . . . إلى اخر ما قال . 194 - 3 والغرض ان المفهوم منه ان مراتب الادراك : الحس ثم الخيال ثم الذكر ثم الفكر ، وان قدم الفكر على الذكر في رسالة الجندي قولا بان الفكر ينقد فيؤدى إلى الذكر ليحفظ ، ولكل وجه ، لكن القدس لبارئها ثم العقل ثم النفس الناطقة ثم الروح الخليفة ، فلم اقتصرتم ههنا موافقا لتفسير الفاتحة على الثلاث أو الأربع والجامع ؟ 195 - 3 قلت : لان المقصود بالذكر ههنا مراتب الادراك وذلك بحسب حال المدرك اما كلي أو جزئي ، والثاني اما بالقوة الباطنة - فهو خيالي - أو الظاهرة - فهو حسي - والكلى هو النفساني والروحاني والسري ، ولذا سماه الشيخ قدس سره في التفسير نفسانيا وفي مفتاح الغيب روحانيا ، ولا امكان للزيادة عليهما الا بنسبة جمعها ، فاما الحفظ للذاكرة والتصرف للمتفكرة ، فليس بادراك ، بل أمر اخر موقوف عليه . 196 - 3 ويدل على أن الكلى الذي جرده العقل عين النفساني وما فوقه ما ذكره الشيخ قدس سره في التفسير : ان الحق تعالى إذا شاء ان يوصل أمرا إلى انسان بتوسط انسان اخر أو غير انسان - ولكن من هذه المراتب - تنزل ذلك الامر من الحضرة العلمية تنزلا معنويا - دون انتقال - فيمر على مراتب التصورات المذكورة حتى إذا انتهى إلى الحس تلقاه السامع بسمعه - إن كانت الاستفادة باللفظ - أو ببصره - إن كانت بطريق الكتابة أو حركات الأعضاء أو غيرها - ثم انتقل إلى التصور الذهني ثم إلى النفساني ، فجردته النفس عن شوائب احكام القوى ، فلحق بمعدنه الذي هو الحضرة