لكنهم قالوا : المصالح الشرعية القياسية عائدة إلى العباد ، وهو لا يسأل عما يفعل ( 23 - الأنبياء ) والاستكمال في عودها إليهم ممنوع ، فان من صار بذل الآلاف له ملكة صادرة بلا تأمل ، لا يكون ببذل فلس لمستحق مستكملا بوجه ، ولا شك ان نسبة حاله إلى وجود الحق نسبة أقل شئ إلى غير متناه ، فأين استكماله به [1] ؟ 175 - 3 قلت : اما الانفعال فقد مر انه من بعض أسمائه وصفاته للبعض - لا لذاته الغنية عن العالمين - والتوقف والتأثر فيما بين الصفات التي هي الاعتبارات لا يوجب الفقر والعجز في الذات ، ولا كونه محل الحوادث ، لان الصفات نسب اعتبارية تقييدية - لا أمور محققة قائمة بذاتها كما زعم - . 176 - 3 واما الاستكمال المحال ، فما به يحصل له بسبب غيره كمال لا يكون مقتضى ذاته ، اما إذا كان مقتضى ذاته من حيث كماله وحكمته - ولو بشرط بعض المراتب والمظاهر - سواء عاد فائدته إلى الخلق أو إلى الحق - لكن من حيث الحقائق المظهرية التي هي في علمه عينه - فلا محال ، وإليه أشار الشيخ قدس سره في تفسير الفاتحة . فعلى هذا نحو قوله تعالى : وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ( 56 - الذاريات ) و : خلقت الخلق لا عرف ، حقيقة عندنا لما سيجئ : ان الباعث على خلق العالم كمال الجلاء والاستجلاء [2] ، لا انه مجاز من باب : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( 8 - القصص ) كما ظن . 177 - 3 ثم نقول : ومراتب التأثير على حذف المضاف ، أي مراتب تأثر التأثير أربعة : 178 - 3 الأولى : تأثر في نفس المؤثر بالتصور المطلق الروحي - سواء كان طارئا بحسب بعض الأوقات ، لكن بلا نظر وكسب ، أو لم يكن طارئا - 179 - 3 الثانية : تأثر في الذهن والخيال ، إن كان المؤثر ذا ذهن وخيال - كالانسان -
[1] - لا يختص هذا البيان بالمصالح الشرعية ، فان نسبة تمام مراتب الوجود إلى الحق تعالى ليست الا نسبة أقل شئ إلى غير المتناهى ، بل لا نسبة بينه تعالى شأنه وبين الأشياء - كما حققنا في بعض رسائلنا - وليس ما ذكره الأشاعرة الا لقصور نظرهم والحادهم بأسماء الله وكفرهم به تعالى شأنه - خ [2] - التجلي الحبى هي الجلاء ، أي ظهور ذاته لذاته ، واستجلائه عبارة عن ظهور ذاته لذاته في التعينات - ق