الفيض و التجلَّي الأحديّ الجمعي من حيث هذا القلب جميع العوالم كما ذكرنا ، فصار حينئذ وسط كل عالم منبعا لتلك المفاتيح بوساطة هذا الفيض ، و التجلي الأول الأحدي الجمعي و شموله جميع العوالم بسبب كمال قابليّة ذات صاحب هذا الفيض الغنيّ ، بكمال الإفاقة و التمكين و إذ قد صار وسط كل عالم بهذا الفيض المذكور ، منبعا لتلك المفاتيح ، لا بدّ و أن يظهر أثرها حينئذ في كل عالم بحسب ذلك العالم .
فأثرها في عالم الغيب ، فوائد الهام ، يعني : إلهاما حاصلا بلا واسطة ، كما أشار إليه صاحب هذا المقام و الفيض - صلَّى الله عليه و سلَّم - بقوله في جملة حديث :
« فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن ، يلهمني الله في ذلك الوقت » و تلك الفوائد هي كالعلم بالأسماء الغيبيّة المستأثرة ، المشار إليها بقوله - صلَّى الله عليه و سلَّم - : « اللَّهم انّي أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك ، او أنزلته في كتابك ، او علَّمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك » و بما يتضمّنه تلك الأسماء من العلوم الآليّة و الأسرار العلَّية .
و اما اثرها في عالم الجبروت ، ان تكون هي روائد نعمة بالراء المهملة ، و بفتح النون ، يعنى مخبرات صادقة لصاحب هذا المقام ، عن عيش هنيء بالتقلَّب في جميع الأسماء الكلَّية و جزئيّاتها ، التي عادت كلَّية ايضا لوصول اثر ذلك الفيض الأكمل و المفاتيح إليها ، و مشاهدة تفاصيل حقائقها و خواصّها و علومها و آثارها في العالمين اجمالا و تفصيلا ، فلا عيش و لا لذّة اهنأ و اطيب و أنعم من هذه التقلَّبات و المشاهدات .
و الإشارة إلى تلك النعمة و اللذة قوله - صلَّى الله عليه و سلَّم - من جملة حديث :
« فضرب بيده بين كتفيّ ، فوجدت برد أنامله بين ثديي ، فعلمت علم الأولين و الآخرين » .
و اما اثرها في عالم الملكوت : عوائد انعام ، اى عواطف أنعم بها على صاحب هذا المقام ، مثل المكاشفات و الواردات و التنزلات الروحانيّة المخبرة عن علوم الشريعة و الطريقة و دقائقهما و حقائقهما و رموزهما ، المندرجة في القرآن و الأحاديث .
و اما أثرها في عالم الشهادة : موائد نعمة ، اى رزق ظاهر يسوقها الله تعالى إلى

622