نام کتاب : فصوص الحكم نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 40
ثم القضاء والقدر ما شأنهما ؟ أما القضاء فهو حكم الله في الأشياء أن تكون على ما هي عليه في ذاتها كما علمها أزلًا ، وهو لا يعلمها إلا على نحو ما تعطيه أعيانها كما ذكرنا . وأما القدر فهو توقيت حصول الشيء كما تقتضيه طبيعة عينه . فكل ما يحكم به القضاء على الأشياء إنما يحكم به بواسطة الأشياء نفسها ، لا بواسطة قوة خارجة عن طبيعتها ، وهذا هو الذي يسميه ابن عربي « سر القدر » ( الفص العُزَيري ) . وعلى هذه النظرية الجبرية يرى ابن عربي أن كل شيء يقرر مصيره بنفسه من حيث إن له حظاً من الموجود لا يتعداه ، وهو لا يتعداه لأن عينه الثابتة اقتضته ولم تقتض غيره ، ولأن الله تعالى يعلم من الأزل أن هذا هو الأمر على ما هو عليه . بل إن الله نفسه لا يقدر أن يغير من ذلك شيئاً لأن إرادته لا تتعلق بمستحيل . فالمؤمن والكافر ، والمطيع والعاصي ، كل أولئك يظهرون في وجودهم على نحو ما كانوا عليه في ثبوتهم : أي على نحو ما كانت عليه أعيانهم الثابتة في علم الحق وفي ذاته . ولذا قال تعالى : « وما ظَلَمْناهُمْ ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » وقال : « وما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ » . يقول ابن عربي في شرح ذلك : » أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طالبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم بما هي عليه ، فإن كان ظلم فهم الظالمون . . كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا . فما قلنا إلا ما علمنا أن نقول . فلنا القول منا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم » ( الفص اللوطي ) . ويقول أيضاً : « فلا تحمدن إلا نفسك ولا تذمَّن إلا نفسك . أما الحق فلم يبق له إلا أن تحمده على إفاضة الوجود عليك ، فإن ذلك له لا لك » ( الفص الإبراهيمي ) .
40
نام کتاب : فصوص الحكم نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 40