نام کتاب : فصوص الحكم نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 10
من غير شك من حيث أن له مذهباً في طبيعة الوجود كسائر الفلاسفة ، ولكنه فيلسوف صوفي اصطنع أساليب الصوفية ورموزهم للتعبير عن فلسفته . وهذا سبب من أسباب التعقيد الذي نلمسه في كل سطر من أسطر كتبه - لا سيما كتاب الفصوص : فإن القارئ لهذا الكتاب لا يكاد يظفر بالفكرة الفلسفية فيه حتى يجدها وقد غابت عن نظره تدريجاً تحت ستار من الرمزية يغلق معناها إلى حين ، ثم تخرج من وراء هذا الستار مرة أخرى منصبة في قالب شعري صوفي يخاطب بها أصحاب الذوق والمواجيد لا أصحاب الفكر والنظر ! . إن ابن عربي قد كتب كتبه تحت تأثير نوع من الوحي أو الإلهام ، فأنزل في سطورها ما أُنزل به عليه لا ما قضى به منطق العقل ، ولهذا يجب أن ننظر إلى مذهبه في جملته لا في تفاصيله ، ونستخلص هذه الجملة من بين أشتات التفاصيل التي لا يبدو في ظاهرها انسجام ولا ترابط . ولم يكن الرجل واهماً ولا مفتريا حينما قال في فصوصه « ولا أُنزل في هذا المسطور الا ما ينزل به عليّ ، ولست بنبي ولا رسول ، ولكني وارث ، ولآخرتي حارث » . فهو يعتقد عن يقين أن كتابه من إملاء رسول الله من غير زيادة ولا نقصان ، أملاه عليه في رؤيا رآها في دمشق سنة 627 ه ، وأنه لم يكن إلا مترجماً لما كاشفه به النبي الذي هو منبع العلم الباطن ومصدر نور المعرفة . كما أنه لم يكن واهماً ولا مخدوعاً عن نفسه عندما سمى موسوعته الكبرى في التصوف باسم « الفتوحات المكية » وسمى كتاباً آخر بالتنزيلات الموصلية إلى غير ذلك مما يؤيد به دعواه أنه لا يصدر في كتبه عن تفكير أو روية ، بل عن كشف وإلهام ، وأما ما نطق به فيها لم يكن الا من « الفتوح » الذي يفتح الله به على الخاصة من عباده . ولكني على الرغم من كل هذا موقن بأن لتفكير ابن عربي نصيباً غير قليل
10
نام کتاب : فصوص الحكم نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 10