نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 79
ولهذا لم يظهر دعوى الربوبية والألوهية إلَّا في هذا النوع ، وظهر أيضا فيه ضدّ ذلك ، حتى لم يبق من الموجودات ما لم يعبده هذا النوع من العلويات والسفليات . فافهم . تكملة المراد من وضع الاسم العلم هو الإشارة بذكره إلى المسمّى ، لا الإشارة إلى الاسم أنّه هو هو ، فلا تكون الإشارة إلى هذا المذكور الكامل - لأنّه الاسم الأعظم العلم - إشارة إلى الله سبحانه - فلا تغلط ، وافهم ، ما المراد ؟ - بل وجوده في العالم إشارة من الله إلى الله ، فهو المثل المضروب بوجوده للمثل المقدّس المنزّه عن الشبه والمثل في قوله - تعالى - : * ( لَيْسَ كَمِثْلِه ِ [ شَيْءٌ ] ) * [1] ، * ( وَلِلَّه ِ الْمَثَلُ الأَعْلى ) * [2] . ولمّا كان المراد من وضع الاسم العلم هو الإشارة بذكره إلى المسمّى ، فلو كان للذات المطلقة اسم علم لفظيّ ، لكان المراد من ذكره مع غيره تعريفها وتعيينها فكل تعريف فإنّه مسبوق بالمعرفة ، والثابت أنّ الذات المطلقة لا تعرف ولا تعرّف ، فليس في وضع الاسم العلم من حيث هذا الوجه فائدة ولأنّ تعريف ما من شأنه أن لا يعرف ، والإشارة إلى ما لا يتعيّن للإشارة محال . وأيضا : وضع الاسم العلم إنّما يكون فيما يدرك بالحواسّ ، أو يتصوّر في الوهم أو ينضبط في العقل ، والذات المطلقة - تباركت وتعالت - لذاتها تقتضي عدم الانضباط في المدرك ، وتمتنع عن إدراك الحواسّ وتصوّر الأوهام ، فوضع الاسم العلم لها من ألفاظ النفس الإنساني ممتنع . وأيضا : لمّا كانت العلَّة الغائيّة من وضع الاسم العلم هو أن يتميّز المسمّى عمّا يشاركه في نوعه أو جنسه أو صنفه وفنّه [3] ، ويتعالى الجناب الإلهي عن الدخول تحت جنس أو نوع أو يشاركه شيء ، فيتعالى أن يوضع له اسم علم من عالم الكلمات