نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 718
قال - رضي الله عنه - : « وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله - تعالى - : * ( وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) * [1] نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته ، فبتلك الدرجة - التي تميّز بها عنه - كان غنيّا عن العالمين وفاعلا أوّلا ، فإنّ الصورة فاعل ثان ، فما له الأوّلية التي للحق ، فتميّزت الأعيان بالمراتب ، فأعطى كلّ شيء خلقه ، كما أعطى كلّ ذي حق حقّه كلّ عارف ، فلهذا كان حبّ النساء لمحمّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن تحبّب إلهي - وإنّ الله أعطى كلّ شيء خلقه ، وهو - أي المعطى - عين حقّه ، فما أعطاه إلَّا بالاستحقاق ، استحقّه بمسمّاه أي بذات ذلك المستحقّ » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ الحق لمّا تعيّن في كل متعيّن من كلّ زوج عارف وغير عارف ، أعطى كلّ ذي مرتبة ما يستحقه لحقيقته ، فأعطى المنفعل خلقه في انفعاله وتأخّره عن الدرجة وهو حقه ، وأعطى كلّ الفاعل خلقه كذلك في فاعليّته وتقدّمه وذلك حقّه ، وأعطى العارف بذلك شهود الحق في الكلّ والالتذاذ به وهو خلقه وحقّه ، وأعطى غير العارف خلقه وهو صورة الالتذاذ بلا روح عنده وذلك حقّه وخلقه . قال - رضي الله عنه - : « وإنّما قدّم النساء لأنّهن محلّ الانفعال ، كما تقدّمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة ، وليست الطبيعة على الحقيقة إلا النفس الرحمانيّ ، فإنّه فيه فتحت [2] صور العالم أعلاه وأسفله لسريان النفخة في الجوهر الهيولاني في عالم الأجرام خاصّة . وأمّا سريانها لوجود الأرواح النورية والأعراض فذلك سريان آخر ثمّ إنّه عليه السّلام غلَّب في هذا الخبر التأنيث على التذكير ، لأنّه قصد التهمّم بالنساء فقال : « ثلاث » ولم يقل : « ثلاثة » بالهاء الذي هو لعدد الذكران إذ فيها ذكر الطيب [ وهو مذكَّر ] ، وعادة العرب أن تغلَّب التذكير على التأنيث ، فتقول : « الفواطم وزيد خرجوا » ولا تقول : خرجن فغلَّبوا
[1] البقرة ( 2 ) الآية 228 . [2] في بعض النسخ : انفتحت .
718
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 718