نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 717
قال - رضي الله عنه - : « وسمّاهنّ بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ولذلك قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - : « حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النساء » ولم يقل : المرأة ، فراعى تأخّر هنّ في الوجود عنه ، فإنّ النسأة هي التأخير ، كما قال تعالى : * ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ ) * [1] والبيع بنسيئة يقول : بتأخير ، فلذلك ذكر « النساء » فما أحبّهنّ إلَّا بالمرتبة ، فإنّهنّ محلّ الانفعال ، فهنّ له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجّه الإرادي والأمر الإلهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية ، وهمّة في عالم الأرواح النورية ، وترتيب مقدّمات في المعاني للإنتاج ، وكلّ ذلك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه ، فمن أحبّ النساء على هذا الحدّ فهو حبّ إلهي ، ومن أحبّهنّ على جهة الشهوة الطبيعية خاصّة نقصه علم هذه الشهوة ، وكان صورة بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح ولكنّها غير مشهودة لمن جاء [2] لامرأته - أو لأنثى حيث كانت - لمجرّد الالتذاذ ولكن لا يدري لمن ، فجهل من نفسه ما يجهل الغير ما لم يسمّه هو بلسان حتى يظهر [3] . كما قال بعضهم : < شعر > صحّ عند الناس أنّي عاشق غير أن لم يعرفوا عشقي لمن < / شعر > . كذلك هذا أحبّ الالتذاذ ، فأحبّ المحلّ الذي يكون فيه وهو المرأة ولكن غاب عنه روح المسألة ، فلو علمها ، لعلم بمن التذّ ومن التذّ وكان كاملا » . يشير - رضي الله عنه - إلى شهود الحق في المحلّ الذي فيه يلتذّ عينه ، فلو شهد الحقّ إذ ذاك - شهودا أحديا جمعيا - عين الفاعل والمنفعل مع شهوده عدم انحصاره وتقيّده بالتعيّن في أحدهما أو كليهما معا أو في الجمع أو الإطلاق عن الجمع ، بل شهودا مطلقا عن هذه الاعتبارات والتنزّه عنها جمعا وفرادى ، كان حينئذ هو ذلك الرجل الكامل الملتذّ بالحق في كل عين عين وتعيّن تعيّن ، وهو أوحد زمانه ونسيج وحده في أقرانه وأخدانه ، وهو من الكمّل أو من ندّر الأفراد .
[1] التوبة ( 9 ) الآية 37 . [2] في بعض النسخ : جاء امرأته أو أنثى . [3] في بعض النسخ : يعلم .
717
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 717