نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 677
قال العبد : سمعت الشيخ الأكمل ، قدوة الكمّل ، أبا المعالي ، صدر الحق والدين محيي الإسلام والمسلمين ، محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف - سلام الله عليه - عن الشيخ خاتم الأولياء المحمديّين - سلام الله تعالى عليه في الأوّلين والآخرين - أنّه اجتمع بأبي العبّاس خضر - صلوات الله عليهما - فقال له : « كنت أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة ممّا جرى عليه من أوّل ما ولد إلى زمان اجتماعه ، فلم يصبر على ثلاث مسائل منها » تنبيها من الخضر لموسى أنّ جميع ما جرى عليه ويجري بأمر الله وإرادته وعلمه الذي لا يمكن وقوع خلافه ، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ليت أخي موسى سكت ، حتى يقصّ علينا من أنبائهما » تنبيها على هذه الأسرار ، فإنّ العلم بها من خصوص الولاية التي لا ردّ فيها ولا إنكار ، فإنّ من شاهد أنّ ما يجري على أيدي العباد وعليهم إنّما هو من أمر الله الذي لا يردّ ، فإنّه مقترن بالإرادة ، مؤيّد بها ، ولا بدّ من وقوعه لا يصدر منه إنكار عليه ولا نهي عنه ولا أمر بخلافه ، ولو اطَّلع الرسول على سرّ القدر ، فإنّ همّته ربما تفتر عن إبلاغ ما أمر بتبليغه ، فإنّه إنّما أمر بتبليغه على علم من الله بوقوع المأمور به من البعض وعدم وقوع ذلك من آخرين ، والمراد بأمره للرسول بالتبليغ هو التبليغ فقط ، فإنّه ما على الرسول إلَّا البلاغ ، فقد ينظر المطَّلع على سرّ القدر عدم وقوع ما أمر بتبليغه فلم يقتصر على أنّه مأمور بالتبليغ فقط ، سواء وقع المأمور به ، أو لم يقع ، فربما يتقاعد عن تبليغ ما أمر بتبليغه أو يفتر أو يشقّ عليه ، فطوى الله علم ما شاكل هذه الأسرار عن الأنبياء ، رحمة بهم ، ولا يوجب ذلك نقصا في مراتبهم النبوية ، ولا يقدح في كمالاتهم الخصيصة بهم ، فإنّ أكملهم - أعني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقد [1] كشف من هذه العلوم ما لم يكشف غيره - أشار إلى هذا السرّ ، فقال : « شيّبتني هود وأخواتها » ، لما اشتملت على الأمر بالاستقامة في الدعوة التي قد تردّ عند الكافر ولا تردّ عند المؤمن ، فيشقّ عليه أن يردّ أمر الله ، ولا يجد بدّا من الدعوة ، لكونه مأمورا بها بامتثال قوله - تعالى - : * ( فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ) * [2] فالمحمّديّ المشهد