نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 676
حتى يأتيه أمر ربّه بذلك ، لأنّ النبيّ عليه السّلام معصوم الباطن من حيث لا يشعر ، حتى ينبّأ أي يخبر بذلك ، ولهذا أراه الخضر قتل الغلام ، فأنكر عليه ولم يتذكَّر قتله القبطيّ ، فقال له الخضر : * ( ما فَعَلْتُه ُ عَنْ أَمْرِي ) * [1] ينبّهه على مرتبته قبل أن ينبّأ أنّه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ جميع أفعاله عليه السّلام وحركاته وما جرى عليه ومنه إنّما كان بأمر الله وإرادته وعلمه وإن لم يشعر به إذ ذاك ، فكان معصوما في جميع أفعاله بما لا يشبه أفعال المعصومين ، كقتله القبطيّ فإنّه عليه السّلام لم يعلم به حينئذ أنّه كان بعلم الله وإرادته وأمره ، ولهذا ألحقه بالشيطان وأضافه إلى نفسه ، فقال : * ( هذا من عَمَلِ الشَّيْطانِ ) * [2] أي بعيد عن الحق والصواب وكان الحق والصواب فيه من حيث ما أراد الله ذلك وأمره بالفعل لا بالقول ، بل فعله على يده لما كان يعلم أنّه لو بقي أفسد ما بين بني إسرائيل ، وأفضى إلى فتنة عظيمة ، فردّ الله بقتله الفتنة . قال - رضي الله عنه - : « وأراه خرق السفينة التي ظاهرها هلك وباطنها نجاة عن يد الغاصب ، جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان في اليمّ مطبقا عليه ، وظاهره هلاك وباطنه نجاة وإنّما فعلت به أمّه [ ذلك ] خوفا من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبرا وهي تنظر إليه مع الوحي الذي ألهمها الله به ، من حيث لا تشعر ، فوجدت في نفسها أنّها ترضعه ، فإذا خافت عليه ، ألقته في اليمّ ، لأنّ في المثل « عين لا ترى ، قلب لا يتّجع » [3] فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين ، ولا حزنت عليه حزن رؤية بصر ، وغلب على [4] قلبها أنّ الله ربما ردّه إليها ، لحسن ظنّها به ، فعاشت بهذا الظنّ في نفسها ، والرجاء يقابل الخوف واليأس ، وقالت حين ألهمت لذلك : لعلّ هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده ، فعاشت وسرّت بهذا التوهّم بالنظر إليها ، وهو علم في نفس الأمر » .
[1] الكهف ( 18 ) الآية 82 . [2] القصص ( 28 ) الآية 15 . [3] من الوجع وفي بعض النسخ : لا يفجع . ما وجد هذا المثال في مظانّه . [4] في بعض النسخ : على ظنّها .
676
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 676