نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 646
والسفل للحقائق الكونية أوّلا ، لأنّها منفعلة عن الحقائق العلَّية العلَّية كما ذكرنا . ثمّ عالم الأجسام ، فإنّها تحت آثار العقول والنفوس والأرواح ، وتحت أحكامها وتصرّفاتها . ثمّ الأجسام ، منها العلويات أيضا كذلك وهي السماوات المعروفة عرفا وفي الحقيقة السماوات هي العلويات كلَّها ، والسفليات كلَّها أرضيات ، فلمّا قال * ( يَأْتِ بِهَا الله ) * [1] أي بما في السماوات وما في الأرض من الرزق ، فقد جعله إلها رزّاقا من السماوات والأرض ، والكائن في السماء سماوي ليس بأرضيّ والأرضي كذلك ، لكون الوجود متعيّنا بحسبه وبحسب موطن المعيّن ، فإن لم يكن موجودا مطلق الوجود والتعيّن والتصرّف والعلم ، محيطا بالعين بما في السماوات والأرض من المرزوقين والأرزاق ، لم يتأتّ أن يأتي بما في السماوات إلى من في الأرض أو في السماء ، ولا بما في الأرض لمن في السماء أو في الأرض من أرزاق المرزوقين ، وإحاطة عين الوجود الحق بما في السماوات والأرض من الأعيان بأن يكون عينها ، وإلَّا لا تكون إحاطة كلَّية مطلقة من العلم إلَّا بالعين لائقة بجناب الله - تبارك وتعالى - فهو - من كونه عين المرزوق والرزق - يأتي بما في السماوات والأرض من الرزق . وأمّا كون المعلوم أعمّ من الشيء فلأنّ الشيء هو الذي له وجود عيني وتحقّق في عينه ، والمعلوم يتناول ما له وجود عيني بل علمي ، فإنّ الموجودات معلومة للحق ، وكذلك علمه محيط بما لم يتحقّق له وجود ، فإنّ عينه يتعيّن به وفيه ، فالمعلوم أعمّ من الشيء . قال بعض أهل النظر : قد يكون الشيء ثابتا وسمّى الماهيات أشياء ثابتة ، فرجّح الشيخ - رضي الله عنه - قول القائل بالأوّل ، ويعضده وإيّانا فيه التحقيق والنظر اللغوي ، فإنّ الشيء مشتقّ من المشيّة ، كما قيل : كلّ شيء يشيّئه الله ، أي بمشيّته والشيء ما خصصته المشيّة ، وعيّنه الإيجاد من المعلومات ، وليس كل معلوم مرادا للإيجاد