responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 633


مدخل في التخيّلات ، وتحكَّم أيضا في المعقولات والمحسوسات ، من شأنها أن تركَّب أقيسة كلَّية من الموادّ الجزئية ، وتحكم بالشاهد على الغائب ، وتجري الحكم كلَّيا والمقيس عليه جزئي والمقيس كلي ، ويعبّر في العرف النظري عن هذا القياس بالتمثيل ، والمثال فيما نحن بصدده : أنّ الحق - مثلا - تجلَّى في صورة إنسانية نوما ، فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ، ويتوهّم أنّه مطَّرد في جميع صور التجلَّي ، أو أنّه كلَّما يتجلَّى يتجلَّى [1] في الصورة الإنسانية ، أو أنّ الصورة الإنسانية صورته في كلّ تجلّ . والمنزّه ينزّه الحق عن الصورة في الدليل العقلي ، ويحكم بالوهم : أنّ ذلك له - تعالى - ذاتي ، وذلك تعيّن له في مرتبة الفكر ، لا في الكشف ولا في التجلَّي ولا كلَّما شاء ، فإنّه - تعالى - إن شاء ظهر في كل صورة ، فأضيف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة ، وإن لم يشأ ، لا يضاف إليه صورة أصلا ، فلا يحكم عليه أنّه في كل موطن ومقام منزّه كذلك ، وهو وهم من المنزّه ، لأنّ تنزيهه عن الصورة حصوله فيما لا صورة له ، وحدّه به ، وهو - تعالى - غير محدود ، وتشبيه له - تعالى - بالعقول والمجرّدات عن الصور في زعم من يقول بذلك ، وهو قد يتوهّم أنّه قد نزّه وهو في عين التشبيه ، فلا يخلو عاقل ، - كما ذكر رضي الله عنه - عن الوهم .
قال - رضي الله عنه - : « ومن ذلك قوله : * ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) * [2] قال تعالى :
* ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) * [3] ، إذ لا يكون مجيبا إلَّا إذا كان [4] من يدعوه غيره » .
يعني : يتوهّم الداعي ذو الوهم أنّ قربه عنه كقرب الأشياء الجسمانية بعضها من بعض ، وأنّه غيره من كل وجه ، وذلك وهم منه ، إذ هو هو ، لا غير ، ويتوهّم المفكَّر أيضا أنّ القرب والبعد لا يكونان إلَّا بين الأجسام المتحيّزة بعضها من بعض ، وهو أيضا وهم منه .



[1] م . ف : تجلَّى .
[2] غافر المؤمن ( 40 ) الآية 60 .
[3] البقرة ( 2 ) الآية 186 .
[4] في بعض النسخ بدون « غيره » فعليه « كان » تامّة .

633

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 633
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست