تحقيقا لارتباط المطلق بالمقيّد ولإيجاد أعيان الحروف .
واعتبار حركته من التحت إلى الفوق إشارة إلى عود التجلَّي المقيّد إلى إطلاقه الأوّل بعد التقيد بخصوص القابل وعروجه من الظاهر إلى الباطن ، ورجوعه من السفل إلى العلو ، وذلك بثلاثة أوجه :
أحدها : بالمعراج والانسلاخ على قانون طريق أهل هذا الشأن .
والثاني : بالموت ومفارقة الجوهر النفساني عن هذا الجوهر الكثيف الظلماني * ( من كانَ يَرْجُوا لِقاءَ الله فَإِنَّ أَجَلَ الله لَآتٍ ) * [1] .
والثالث : بطريق النوم * ( الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها ) * [2] .
والحركة الثالثة الألفيّة في العرض ، وهي على ثلاثة أنحاء أيضا :
أحدها : دورية إحاطية ، وفي هذه الحركة تتّصل نقطته الآخرية بنقطته الأوّلية وتكون عينها فإنّ المحيط أوّل وآخر بعين ما به أوّل ، وذلك عند كمال الدائرة فإن لم تكمل ، فهو في درجات الهلالية القمرية الارتقائية - إن كان في مراتب الخروج والدروج - أو في درجات الأهلَّة السرارية في مراتب الرجوع والعروج ، كما سنستقصي القول في ذلك عند ذكرنا أسرار هاء الله .
والثاني : حركته من اليمين إلى اليسار ، وهو إشارة إلى تمثّل الأرواح وتجسّد الملائكة وتشخّص التجلَّي .
والثالث : من اليمين وذلك عند رجوع النفوس الروحانية عن القوالب والقوابل الجسمانية إلى عالم الأرواح بالموت في العموم ، وتروحن البشر وانحلال الصور التركيبية الثقلية إلى الصور الروحانية [3] البرزخية والمثالية والنورانية والعقلية والعلمية الإلهية في الخصوص . وكل هذه الحركات الألفيّة في هذه المرتبة الثالثة لنسبة بيان مراتب العدد والحروف والموجودات العينية ، فافهم .

[1] العنكبوت ( 29 ) الآية 5 .
[2] الزمر ( 39 ) الآية 42 .
[3] ف : وانحلال الصور التركيبية الثقيلة إلى الصور الروحانية .

60