نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 59
والخطَّ - وهو الألف - عبارة عن الهيئة الاجتماعية من مجموع النقط الثلاث ، وكذلك الخطَّ ، له في وضع الرسم ورسم الخط والرقم حركات ثلاث واعتبارات كذلك بحسبها لازمة لوجود الخطَّ : أحدها : الحركة المستقيمة باعتبار التعالي والرفعة الذاتية وهي مرتبة النزاهة والقدس والغنى وانقطاع النسبة من الغير - كما أشرنا إليه في الحركات النفسية الألفية الروحانية - وبهذا الاعتبار لا يتّصل الألف بحرف أصلا إلَّا من حيث أوليّته لأنّه آخر كل آخر فلا آخر بعده إذ الوجود الحق هو الباقي الدائم بعد فناء كل تعين وتجدّد سرّ * ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ ) * [1] . والاعتبار الثاني : اعتبار التنزّل والتجلَّي وتعيّن الفيض الإيجادي بصورة التدلَّي والارتباط المرتبي ، كالعلَّة مع المعلول ، والألوهة مع المألوه ، والربوبية مع المربوب ، وبهذا الاعتبار يرفع الألف من اتّصل به ، فإنّ الألف وإن لم يتّصل هو بغيره ، فإنّه يوصل من اتّصل به ويصله ويطلقه بالفتح ألا ترى اتّصال جميع الحروف بالألف بهذا الاعتبار من العلو إلى السفل . ثم الحركة المستقيمة إمّا من الفوق إلى التحت أو من التحت إلى الفوق ، فإنّ الربّ - سبحانه - على الصراط المستقيم ، ونسبة الفوق والتحت إليه على السواء ، كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله : « لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله » هذا في نسبة التحت إلى الله ، وأمّا نسبة الفوق إليه بقوله - تعالى - : * ( يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) * [2] وقوله : * ( وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله ٌ وَفي الأَرْضِ إِله ٌ ) * [3] واكتفى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الخرساء بإشارتها إلى السماء ، في الجواب عن سؤاله عنها : « أين ربّنا ؟ » فهذا نسبة الفوق إليه تعالى . واعتبار الحركة الألفيّة من الفوق إلى التحت إشارة إلى تنزّل المطلق بالتجلَّي