نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 585
كل عصر إلَّا لواحد ، كما أنّ الله واحد ، فكذلك خليفته الذي هو نائبه في الكلّ واحد ، ولا يأخذ الحكم الكلَّي الواحد عن الله الواحد الأحد إلَّا ذلك الواحد ، أعني كامل العصر . قال : « وإنّما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام » أي الأخذ عن الله ، تعالى . قال - رضي الله عنه - : « وهو خليفة رسول الله إن عدل - فمن [1] حكم الأصل الذي به يخيّل وجود إلهين ، * ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا ) * [2] وإن اتّفقا ، فنحن نعلم أنّهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما ، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة ، والذي لا ينفذ حكمه ليس بإله ، ومن هاهنا يعلم أنّ كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم الله ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظاهر المسمّى شرعا ، إذ لا ينفذ حكم إلَّا لله في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم ، إنّما هو على حكم المشيّة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرّر وإن كان تقريره من المشيّة ، ولذلك نفذ تقريره خاصّة ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير لا العمل بما جاء به » . يعني - رضي الله عنه - أنّ حكم الخليفة - فيما خالف الحكم المقرّر في الشرع - إذا نفذ ، علمنا أنّ نفوذه ليس إلَّا بإرادة الله ومشيّته ، إذ لا نفوذ إلَّا لما أراد الله ، لا ما تقرّر ممّا لا نفوذ له ، فليس في ذلك مشيّة التقرير النافذ ، ولا العمل غير النافذ ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير التخصيصي لا العمل إلَّا ما تعلَّق به الإرادة من العمل ، فافهم . والذي ذكر فيما قبل فإنّه يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ الحكم بقتل آخر الخليفتين من أصل تقرّر في وحدة الله - تعالى - من قوله : * ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا ) * [3] . وبيان ذلك على نحو ما قرّره الشيخ - رضي الله عنه - هو أنّه لو كان إلهان في العالم ، فإمّا أن يكونا إلهين بالذات أو بما خرج عن ذاتيهما ، لا جائز أن تكون إلهيّتهما بما خرج عنهما لا بالذات ، فإنّ غير الكامل بالذات في إلهيّته لا يكون إلها .