نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 568
عين ما أنت في الزمان الماضي ، ثمّ إنّه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ف * ( قِيلَ [ لَهَا ] ادْخُلِي الصَّرْحَ ) * [1] وكان صرحا أملس ، لا أمت فيه ، من زجاج * ( فَلَمَّا رَأَتْه ُ حَسِبَتْه ُ [ لُجَّةً ) * أي ] ماء * ( وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها ) * [2] ، حتى لا يصيب الماء ثوبها ، فنبّهها بذلك على أنّ عرشها الذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ تقييد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان وبلقيس لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الموجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان ، فإنّ ذلك محال ، ولكنّه إعدام لذلك الشكل العرشي في سبأ وإيجاد لمثله عندهما من علم الخلق الجديد ، فهو إيجاد المثل ، لا إيجاد العين وذلك إيهام وإيماء وتنبيه للمثل بإظهار المثل ، وكذلك كان الصرح يوهم من رآه أنّه ماء صاف يموج مثل ما يتخيّل من لا معرفة له بحقيقة تجديد الخلق مع الأنفاس أنّ الثاني عين الأوّل ، وأنّ المجسّد الممثّل من الصورة العرشية عين عرش بلقيس الذي في سبأ ، فصحّح سليمان - في تنبيهه إيّاها في قوله : * ( إِنَّه ُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قَوارِيرَ ) * [3] لا كما ظنّت أنّه الماء أو اللجّة فكشفت عن ساقيها - أنّ قولها : * ( كَأَنَّه ُ هُوَ ) * صادق ، إذ ليس هو هو ، بل كأنّه ، هو ، وهكذا سؤال سليمان عنها * ( أَهكَذا عَرْشُكِ ) * [4] لعلمه بالأمر في نفسه . قال - رضي الله عنه - : « فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها : * ( كَأَنَّه ُ هُوَ ) * فقالت عند ذلك : * ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) * [5] » . يعني : ظلمت نفسي بتأخير الإيمان إلى الآن ، و « أسلمت » - برفع التاء - عطف على ما نوت من التوبة والرجوع إلى الله من الظلم الذي اعترفت بها ، بمعنى تبت ورجعت عمّا ظلمت نفسي واعترفت وأسلمت مع سليمان لله ، لو كان عطفا على « ظلمت » لم يستقم الكلام ، ولم ينتظم ولو عطفت الكلمة أعني « أسلمت » على « قالت » لصحّ المعنى ، وكان إخبارا عن الجنّ أنّها قالت : ظلمت نفسي ، وأسلمت هي مجزوم التاء ، كناية