نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 548
بالكاف الذي يقتضي المواجهة والخطاب » . يعني : لمّا تجلَّى الحق لتحقيق العلم المطلق في التعيّن المقيّد - مع أنّ الحقيقة تقتضي الوحدة - فقام بعيسى مقام المخاطبة وثنّى وانفرد ، وكلّ منهما بتعيّنه الاختبار بأنّه هل يعلم مع علمه عمّا يستفهمه ، وهذا معنى قيام الحق له في مقام « حَتَّى نَعْلَمَ » من حيث تعيّننا في مادّة هذا التجلَّى والمادّة العيسوية ، وحتى يعلم هو من كونه هو ، لا من كونه نحن ، فحدّد عيسى بكونه عبدا مخاطبا ، فقال : * ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ من دُونِ الله ) * [1] فاقتضت الحكمة العيسوية أن يثبت للتجلَّي بحسبه ، فأفرد الحق أيضا كذلك وحدّده بالكاف في * ( سُبْحانَكَ ) * كما أفرده الحق وحدّده في * ( قُلْتَ ) * وأجابه في التفرقة بعين الجمع كما خاطبه الحق . قال : « * ( ما يَكُونُ لِي ) * من حيث أنا لنفسي دونك * ( أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ [ لِي ] بِحَقٍّ ) * » [2] . يعني : من حيث الامتياز والانفراد دونك من حيث التعين ما ليس لي بحق أن أقول مثل هذا ، فليس حقّا للمتعيّن المتقيّد أن يدعو إلى نفسه مطلقا من دون الله بالعبادة . ثمّ قال - رضي الله عنه - : « أي ما تقتضيه هويّتي ولا ذاتي ذلك * ( إِنْ كُنْتُ قُلْتُه ُ فَقَدْ عَلِمْتَه ُ ) * [3] لأنّك أنت القائل ، ومن قال أمرا ، فقد علم ما قال ، وأنت اللسان الذي أتكلَّم به ، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عن ربّه ] في الخبر الإلهي ، فقال : « كنت لسانه الذي يتكلَّم به » فجعل هويته عين لسان المتكلَّم ونسب الكلام إلى عبده . ثم تمّم العبد الصالح الجواب بقوله : * ( تَعْلَمُ ما في نَفْسِي ) * [4] والمتكلَّم الحق ، ولا أعلم ما فيها من كونها أنت ، فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنّه قائل وذو أثر » . يعني : أنّ القائل والمتكلَّم حق ، لما قدّم أنّ الحق عين لسانه . قال : * ( إِنَّكَ أَنْتَ ) * [5] فجاء بالفصل والعماد ، تأكيدا للبيان واعتمادا عليه أن لا يعلم [6] الغيب إلَّا الله » .