نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 491
إسم الكتاب : شرح فصوص الحكم ( عدد الصفحات : 736)
وأمّا عند العارف المحقّق الكامل ، والمحنّك الفاضل ، فالحق هو الموجود المشهود بكل شهود في كل وجود ، والعالم متوهّم مفقود ، وأنّه مجموع أسام موضوعة على كثرة متوهّمة أو متعقّلة وهي في الوجود والشهود واحدة ، فهي كثرة متوهّمة في جوهر واحد موجود مشهود ، ومع كونها متوهّمة فإنّها مضمحلَّة في أحدية العين . وإنّما العالم جوهر واحد هو مجموع أعراض توحّدت فتجوهرت جوهرا واحدا تتراءى فيه صور لا تتناهى أبدا ، فهذه الصور - من حيث إنّها تراء وتظاهر وتمثّل - لا تحقّق لها بنفسها ، بل بجوهرها وفيه ، فهي أعراض جمعت إلى جوهر واحد وصارت جوهرا واحدا أو هي جوهر واحد لا حقيقة في الحقيقة إلَّا له ، وإذا كان العالم مجموع أعراض ، فإنّ الأعراض لا تبقى زمانين ، والجوهر المشار إليه يتبدّل فيه الأعراض ، وهو يتقلَّب فيها ، ولا يتبدّل ولا يتغيّر . وبيان كون العالم مجموع أعراض : أنّ العالم لا يخلو من أن يكون جوهرا ، أو عرضا ، أو مجموع جواهر وأعراض ، أو لا يكون واحدا منها ، لا جائز أن لا يكون شيئا منها ، وإلَّا فهو لا شيء ولا وجود له ، وانحصر الأمر في هذا التقسيم لانحصار الأمر بين الوجود والعدم . ثم نقول : لا جائز أن يكون جوهرا لا عرض فيه ، لعدم وجود جوهر بلا عرض وعدم تحقّق هيولى بلا صورة . ولأنّا نقول أيضا : إن كان الجوهر ما يقوم بذاته ولا يكون موجودا في موضوع ، بل موجودا لا في موضوع ، فالعلم إذن ليس بجوهر ، لأنّه لا قيام ولا وجود له من ذاته ، بل قيامه بوجود مستفاد من الحق ، فليس العالم ولا شيء من العالم بجوهر قائم بذاته . وأيضا فإنّ الجوهرية أمر اعتباري في ذات الجوهر وماهيته ، ولا تحقّق للجوهرية إلَّا بالجوهر ولا تعيّن للجوهر إلَّا بالجوهرية المعقولة ، وهو كون الجوهر موجودا لا في موضوع ، وهذا أمر اعتباري ، والأمور الاعتبارية لا وجود لها إلَّا في الاعتبار والعقل أو الذهن ، والوجود أيضا على ما عرّفوا في عرفهم الخاصّ عرض ، ولا يشهد أيضا من العالم إلَّا الصور والأضواء والسطوح والأبعاد وهي أعراض ، فبطل أن يكون العالم جوهرا أو جوهرا بلا أعراض ، والحسّ والعقل يشهدان بذلك .
491
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 491