نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 490
ولم يبلغ علمهم منها إلَّا إلى التعريف الرسمي من حيث صورتها الحجابية ، فتكلَّموا في صورها وقواها وكيفية تعلَّقها بالبدن ، وأنّها جوهر أو عرض ، وداخل البدن أو خارجه ، أو لا داخل ولا خارج ، دخولا وخروجا جسمانيّين ، فقد يصدق عليها كلّ ذلك من حيث المعنى ، فإنّ الجسم والقوى الجسمانية من كونها محالّ ظهور قوى النفس وحقائقها ومظاهرها ، فما هي خارجة عنها ، ولكن ما خاض أحد في بيان حقيقتها وإنّيتها وهويّتها وعينها وغيبها وحقيقتها وخليقتها وعبوديّتها وربوبيّتها ، وكل منهم بذل جهده وأقام قصده ، والكلّ مصيب من وجه ، مخطئ من وجه ، وإن طلبت التحقّق بها بموجب الكشف والشهود ، فعليك بشرح الغرّاء التائيّة لنا ، وهي ألف بيت نظمناها في علم الحقيقة واستقصينا فيها القول على النفس وأسرارها ، فإن ظفرت بها ظفرت بعلمها إن شاء الله تعالى . قال - رضي الله عنه - : « فمن طلب الأمر من غير طريقه ، فما ظفر بتحقيقه ، وما أحسن ما قال الله - تعالى - في حق العالم وتبدّله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ، فقال في حق طائفة بل أكثر العالم * ( بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ ) * [1] فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس ، لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض ، وعثرت عليه الحسبانية [2] في العالم كلَّه ، وجهّلهم أهل النظر أجمعين ، ولكن أخطأ الفريقان : أمّا خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا - مع قولهم بالتبدّل في العالم بأسره - على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلَّا بها كما لا تعقل إلَّا به ، فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر . وأمّا الأشاعرة فما علموا أنّ العالم كلَّه مجموع أعراض فهو يتبدّل في كل زمان ، إذ العرض لا يبقى زمانين » . قال العبد : اعلم : أنّ صور العالم - على ما عرّف عند الجمهور من أهل الحجاب : بأنّه سوى الحق وغيره وهي أغيار - بعضها للبعض ظاهر موجود مشهود ، والحق عندهم مغيب مفقود لا يعلم بالحقيقة والإحاطة ، وغير مشهود بما عرّفوا وعرفوا من الشهود .
[1] ق ( 50 ) الآية 15 . [2] في بعض النسخ : الجسمانية .
490
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 490