نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 479
* ( إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ ) * [1] لتقلَّبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل : لمن كان له عقل ، فإنّ العقل قيد يحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر ، فما هو ذكرى لمن كان له عقل ، وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفّر بعضهم بعضا [ ويلعن بعضهم بعضا ] وما لهم من ناصرين » . قال العبد : نسب الله - تعالى - الذكرى من عبيده لمن كان له قلب ، وأضافها أيضا في آية أخرى إلى ذوي الألباب ، فقال : * ( إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لأُولِي الأَلْبابِ ) * [2] وكذلك قلب كلّ شيء لبّه ، ولا يذكر اللبّ إلَّا اللبّ من ذوي الألباب ، ولبّ كلّ شيء حقّه من الحق ، فالحق الذي في كل شيء وفي كل خلق هو لبّ ذلك الشيء ، وإلى ذلك أشار لأهل الإشارات ، بقوله : * ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ ) * [3] أي لا تحقّق له ولا حقيقة إلَّا حقيقة الحقيّة ، وهو ما يشير إليه المحقّق المحنّك : في كلّ شيء إنّ له وجها ، فذلك الوجه هو لبّ ذلك الشيء وحقّه وحصتّه الخصيصة به من مطلق الحق الساري في حقيقة كل شيء بأحدية الجمع والوجود ، وهو الحق المستجنّ الذي يشير إليه شيخنا - رضي الله عنه - في كتاب « مفتاح غيب الجمع والوجود » وفي « النفحات » و « إعجاز البيان » وغيرها من تصانيفه : والقلب وإن كان هو ذلك اللبّ من كلّ شيء ، ولكنّ الحق - الذي هذا القلب عرشه - لبّ اللبّ . ثمّ اعلم : أنّ في معنى القلب مثل ما في لفظ حقيقة القلب لتقلَّب حقيقة القلب في أطوار القبول للتجلَّيات غير المتناهية ، وبين لفظة « القلب » ومعنى « القبول » و « القابلية » اشتراك لفظي ومعنوي وحقيقي ، ولولا قلبيّة [4] بعض حروف للقلب والقابل ، وقبليّته وبعديّته ، لكان هو هو ، وقلب الشيء لغة أن يجعل أوّله آخره أو ظاهره باطنه ، جمعا وفرادى ، وكيف ما قلت وقلبت لفظ القلب فإنّ القبول والقابلية