responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 470


لأنّهم الذين كانوا كما أمروا باستعداد خواصّ وأهليّة وصلاحية ذاتية فيهم لذلك الأمر والتكوين . وهذه المباحث المذكورة في هذه الحكمة ظاهرة لا يحتاج فيها إلى مزيد بسط على ما قرّرنا أوّلا من كون الفردية سببا للإيجاد والتكوين ، كما كان التثليث موجبا أيضا لتكوين الناقة أوّلا وتكوين الصيحة على الكافرين آخرا ، وقد صحّ أنّ التكوين والإيجاد في الذوات والصفات والمعاني والصور والأحكام والآثار إنّما هو من حضرة الفردية الإلهية .
قال - رضي الله عنه - : « فمن فهم هذه الحكمة ، وقرّرها في نفسه ، وجعلها مشهودة له ، أراح نفسه من التعلَّق بغيره ، وعلم أنّه لا يؤتى عليه بخير ولا بشرّ إلَّا منه ، وأعني بالخير ما يوافق غرضه ويلائم طبعه ومزاجه ، وأعني بالشرّ ما لا يوافق غرضه ولا يلائم طبعه ولا مزاجه » .
قال العبد : قد تقرّر في عقلك وفهمك ، وتحرّر بما سلف في علمك أنّ حقيقة كل إنسان وكلّ شيء هي صورة معلوميّته لله - تعالى - أزلا وهي إذ ذاك على صورة علمية في حقيقته ولوازمها القريبة ولوازم لوازمها وعوارضها ولواحقها ، وكل ذلك ذاتية حقيقية له ، ليس بجعل الله فيه ، لكونها غير موجودة إذ ذاك لها في أعيانها ، بل هي للحق في الحق ، وأنّه لا يمكن أن يكون في الوجود العيني ولا أن تتعلَّق القدرة والإيجاد به إلَّا بحسب ما اقتضته حقيقته أزلا ، سواء كان معتنى به ومجتبى مصطفى من الأنبياء والأولياء أو غيره ، وإذا كان الأمر على ذلك ، فلا يؤتيه الله ما يؤتيه من الخير على اختلاف أنواعه وأصنافه إلَّا بموجب ما اقتضته عينه الثابتة أو حقيقته أزلا ، ولا يأتيه كذلك الشرّ أيضا إلَّا من نفسه ، وإليه الإشارة * ( ما أَصابَكَ من حَسَنَةٍ فَمِنَ الله ) * [1] أي ايجاد عين الخير والحسنة ليس إلَّا [ من ] الله ، فإنّه المفيض للخير الحقيقي الذي لا شرّ فيه وهو الوجود ، والخير كلَّه - كما قيل - في الوجود ، ولكنّ الله يوجد خيرك منك ويأتيك به ، بمعنى أنّه محقّق ما كان بالقوّة فيك ويظهره بالفعل فيه لك ، وكذلك ضدّ الخير ، ولكنّ



[1] النساء ( 4 ) الآية 79 .

470

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست