نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 457
كانت كما ذكرنا فيما ذكرنا أنّها كانت مشهودة للحق شهود المفصّل في المجمل مفصّلا ، وهو شهود خاصّ بالله تعالى ، يشهد به الأشياء في نفسه قبل إيجادها وإشهادها أنفسها ، فأراد إشهادها أعيانها في عرصة الوجود وإيجادها لها في الشهود والمشهود ، فضاق قلب الغيب الأحدي ، عن كثرة ما حواه من الحرف العددي ، فنفّس الله عن غيبة عينه ما كان يجده من كونه في قلبه بنفسه الرحماني ، وهو الفيض الوجودي للشهود العياني رحمة به - أي بالغيب - بإظهار ما كان مغيبا في غياباته ، ممّا ليس بغيب حقيقي ، فإنّه لا يقبل الظهور أبدا ، ورحم الأعيان الثابتة في غيب علم الذات بهذا الفيض الإيجادي ، فأوجدها وأشهدها أنفسها في نفسه على ما كانت في نفسه ، فلمّا شهدتها فيه فمنهم من تحقّق أنّه عينه ، إذ لا تحقّق للغير أصلا إلَّا بالنسبة والإضافة الاعتبارية لا غير ، فنفّس الله بنفسه الرحماني عن النسب الإلهية بعين ما أوجد لها مظاهرها وأشهدها أنفسها على مرائيها ومناظرها وهي أعيان الأشياء ، فما كانت أوّلا هي فيه هو غيبا فلم يكن ، وكان هو هو في مقام « كان الله ولا شيء معه » و « كنت كنزا مخفيا » فلمّا كان هي هي بأعيانها آخرا وهو فيها هي كذلك ظاهرا تعيّن أنّه أوّل لها من كونه عينها في عينها ، وأنّه آخر بكونه عين ما ظهر في عينها ، فهو الأوّل غيبا وباطنا ، والآخر شاهدا وظاهرا ، فهو الأوّل في عين بطونه ، والآخر بعين ظهوره ، وهو الأوّل في عين الآخرية ، والآخر في عين الأوّلية ، إذ هو الأوّل والآخر ، والظاهر الباطن ، وإليه المصير ، وهو بكل شيء عليم ، لأنّه عين كل شيء ، فهو بعينه عليم ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « فلمّا أوجد الصور في النفس ، وظهر سلطان النسب المعبّر عنها بالأسماء ، صحّ النسب الإلهي للعالم ، فانتسبوا إليه ، فقال : « اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي » أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم ، وأردّكم إلى انتسابكم إليّ ، « أين المتّقون ؟ » أي الذين اتّخذوا الله وقاية ، فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة ، وهو أعظم الناس وأحقّهم وأقواهم عند الجميع ، وقد يكون المتّقيّ من جعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد فجعل مسمّى العبد وقاية لمسمّى الحق على الشهود ، حتى يتميّز العالم من غير العالم * ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
457
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 457