نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 456
بالكثرة في مراتب ظهوره ، ومظاهر تعيّنات نوره ، وقيام كونه التقييدي - وهو العالم كلَّه - بكونه الذي هو وجوده في مراتب شهوده ، فقيام الوجود المقيّد بكون الوجود المطلق موجودا على الإطلاق ، فغذاء كل واحد من الكونين : المقيّد والمطلق الإلهيّين بعين الآخر ، إذ به بقاؤه وتحقّقه وقيامه ، فاغتذاء الوجود إنّما هو بحقائق العالم وأحكامه ، وهي الأعيان الثابتة الخلقية والمعاني الغيبية القائمة ، فحقيقة العلم القديم الأزلي الإلهي واغتذاء حقائق العالم إنّما هو بالوجود العامّ المشترك في الكلّ ، وهذا ظاهر . وقوله : « وبه نحن نحتذي » صادق على معنيين : أحدهما : بمعنى الاقتداء ، فإنّ الاحتذاء هو الاقتداء ، فإنّ المقتدي - اسم فاعل - يحتذي حذو المقتدى - اسم مفعول - حذو القذّة بالقذّة ، وكذلك الوجود المقيّد - الذي هو فرع ونفل على أصل وجود الحق - يحذو حذوه في كونه غذاءه . والمعنى الآخر : هو الذي نحن بصدد بيانه من كون الحق عين الطريق والأرجل ، والحذاء هو النعل ، إذ هو الطريق والسالك والساعي ، والأرجل دالَّة السير والوقاية عن أذى الطريق والغاية ، فافهم ، وإذا كان للحق مظاهر مختلفة وظهورات بحسبها كذلك مختلفة ، فقد يظهر ظهورا ينكر فيه فيتعوّذ منه لا جهلا به عند العارف به ولكن إلقاء الحق ظهوره في ذلك المظهر ، لكونه ممّا يتعوّذ منه فيه ، فافهم . قال : ولهذا الكرب تنفّس فنسب النفس إلى الرحمن ، لأنّه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم ، التي قلنا هي ظاهريّة الحق ، إذ هو الظاهر ، وهو باطنها ، إذ هو الباطن [ وهو الأوّل ] إذ كان ولا هي ، وهو الآخر ، إذ كان عينها عند ظهورها ، والآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأوّل « وهو بكلّ شيء عليم » ، لأنّه بنفسه عليم » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ هذه النسب المظهرية - وهي حقائق الأشياء أو أعيانها أو صور معلوميّاتها للحق أزلا أو صورة نسب علمه كذلك بحسب اختلاف الأذواق والمشاهد - كانت موجودة مفقودة باعتبارين مختلفين ، أعني موجودة للحق بالعلم في العلم أو في الحق به له ، مفقودة فاقدة لأعيانها في الوجود الشاهد المشهود ، ولكن
456
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 456